وفي الإِسناد الثاني: حدّثنا عمرو، يعني ابن ميمون، إشارة إلى أن شيخه لم ينسبه، وهذا تفسير له من تلقاء نفسه، ومرّ الكلام على حكم ذلك في الحديث السادس من كتاب الوضوء.
ولا يقدح التباس يزيد، هل يزيد بن هارون أو يزيد بن زُريع، في الحديث؛ لأن أيًّا كان فهو عدل ضابط بشرط النجاري، وإنما يقدح لو كان أحدهما على غير شرطه.
ومرَّ ذكر مواضع إخراجه في الحديث الذي قبل هذا.
[باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره]
ذكر في الباب حديثَ الجنابة، مستدلًّا به على أن بقاء الأثر بعد زوال العين في إزالة النجاسة لا يضر، ولهذا ترجم بهذه الترجمة، وأعاد الضمير مذكَّرًا في قوله:"فلم يذهب أثره"، على المعنى، أي: فلم يذهب أثر الشيء المغسول، ومراده أن ذلك لا يضُرُّ، والمراد بالأثر ما تعسُرُ إزالته من اللون والريح دون الطعم، فلابد من إزالته لسهولة إزالته غالبًا، ولأن بقاءه يدُل على بقاء العين، والأظهر كما قال القسطلاني: إن بقاء اللون والريح معًا يضر لقوة دلالتهما على بقاء عين النجاسة، وبما ذكر يحصُل الجمع بين هذا وبين حديث أُم قيس:"حكيه بضلع واغسِليه بماءٍ وسَدَر" أخرجه أبو داود، وإسناده حسن.
ولم يذكر المصنف في الباب غير حديث الجنابة، وألحق غيرها بها قياسًا، أو أشار بذلك إلى ما رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله: ليس لي إلاَّ ثوب واحد، وأنا أحيضُ، فكيف أصنع؟ قال:"إذا طهرتِ فاغسِليهِ، ثم صلّي فيه". قالت: فإن لم يخرجِ الدم؟ قال:"يكفيكِ الماءُ ولا يضرُّك أثره" وفي إسناده ضعف، وله شاهد مرسل ذكره البيهقي، ولما لم يكن هذا الحديث على شرط المصنف، استنبط من الحديث الذي على شرطه ما يدُلُّ على ذلك المعنى كعادته.