يظنونه المشعر، وليس كما يظنون، لكن يحصل الوقوف عنده أصل السنة، أي: وكذا بغيره من مزدلفة على الأصح، وقال ابن الحاج: المزدلفة والمشعر والجمع قزح، ألفاظ مترادفة، وفي قول ابن عمر: فإذا قدموا رموا الجمرة دلالة على جواز رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس، وسيأتي ذلك صريحًا من صنيع أسماء بنت أبي بكر في الحديث الثالث من هذا الباب، ويأتي الكلام عليه فيه إن شاء الله تعالى.
رجاله ستة قد مرّوا: مرَّ يحيى بن بكير، والليث، وابن شهاب في الثالث من بدء الوحي، ومرَّ يونس في متابعة بعد الرابع منه، ومرَّ سالم في السابع عشر من الإيمان، ومرَّ أبوه عبد الله أوله قبل ذكر حديث منه.
[الحديث السابع والخمسون والمائة]
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
وفائدة هذا الحديث تعيين من أذن لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من أهله في ذلك، وأورده من وجهين، ويأتي ما في الطريقة الثانية.
رجاله خمسة قد مرّوا:
مرَّ سليمان بن حرب في الرابع عشر من الإيمان، وحماد بن زيد في الرابع والعشرين منه، وأيوب في التاسع منه، وعكرمة في السابع عشر من العلم، وابن عباس في الخامس من بدء الوحي. اهـ.
[الحديث الثامن والخمسون والمائة]
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ.
وفي هذه الرواية فإنا ممن قدم، وهذه يفهم منها دفع ما يتوهم من قوله في الرواية السابقة بعثني أن البعث كان خاصًا به، فإنهما دالة على أنه لم يختص به، وقد أخرجه المصنف في باب حج الصبيان بلفظ: في الثقل، زاد مسلم: أو قال في الضعفة، وقد أخرجه مسلم عن سفيان بإسناد آخر مثله، وأخرجه الطحاوي عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعباس ليلة المزدلفة:"اذهب بضعفائنا ونسائنا فليصلوا الصبح بمنى، وليرموا جمرة العقبة قبل أن تصيبهم دفعة الناس"، قال: فكان عطاء يفعله بعدما كبر وضعف ولأبي داود