الحصى. وقال عياض: كره السلف مسح الجبهة في الصلاة قبل الانصراف. وحكى ابن عبد البر عن سعيد بن جُبير والحسن والشَّعبيّ أنهم كان يكرهون أن يمسح الرجل جبهته قبل أن ينصرف، ويقولون: هو من الجفاء.
وقال ابن مسعود: أربع من الجفاء: أن تصلي إلى غير سترة، أو تمسح جبهتك قبل أن تنصرف، أو تبول قائمًا، أو تسمع المنادي ولا تجيبه. وقد تقدم في أواخر صفة الصلاة، حكايةُ استدلال الحميدي لذلك، بحديث أبي سعيد في رؤية الماء والطين في جبهة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن انصرف من صلاة الصبح.
وحكى النّوويّ اتفاق العلماء على كراهة مسح الحصى وغيره في الصلاة، وفيه نظر. فقد حكى الخطابيّ في "المعالم" عن مالك أنه لم ير به بأسًا، وكان يفعله، فلعله لم يبلغه الخبر، وأفرط بعض أهل الظاهر، فقال: إنه حرام إذا زاد على واحدة، لظاهر النهي، ولم يفرق بين ما إذا توالى أم لا، مع أنه لم يقل بوجوب الخشوع. والذي يظهر أنَ علة كراهيته المحافظةُ على الخشوع أو لئلا يكثر العمل في الصلاة. لكن حديث أبي ذَرٍّ المتقدم يدل على أن العلة فيه أن لا يجعل بينه وبين الرحمة التي تواجهه حائلًا.
وروى ابن أبي شَيبة عن أبي صالح السَّمَّان قال: إذا سجدت فلا تمسح الحصى، فإن كل حصاة تحب أن يسجد عليها، وهذا تعليل آخر. وقوله:"فواحدة" بالنصب على إضمار فعل، أي: فامسح واحدة، أو على النعت لمصدر محذوف، أي: فعلَةً واحدة. ويجوز الرفع على إضمار الخبر، أي: فواحدةٌ تكفي، وإضمار المبتدأ أي: فالمشروعُ واحدة. وفي رواية الترمذيّ إنْ كنت فاعلًا فمرة واحدة.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا إلا الصحابيّ، مرَّ أبو نعيم في الخامس والأربعين من الإيمان، ومرَّ شيبان ويحيى بن أبي كثير في الثالث والخمسين من العلم، ومرَّ أبو سلمة في الرابع من بدء الوحي.
والصحابى مُعَيْقيب، بضم الميم وفتح العين بعدها ياء ساكنة وقاف مكسورة ممدودة، ويقال مُعَيْقِب، بغير الياء الثانية، ابن أبي فاطمة الدَّوْسيّ، حليف بني أمية، أسلم قديمًا بمكة، وهاجر الهجرة الثانية للحبشة، وأقام بها حتى قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، وشهد بيعة الرضوان، وما بعدها من المشاهد، وكان على خاتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واستعمله أبو بكر وعمر، رضي الله تعالى عنهما، على بيت المال، وكان على خاتم عثمان بن عفان، وهو الذي سقط من يده خاتم النبي -صلى الله عليه وسلم- أيام عثمان، رضي الله تعالى عنه، في بئر أريس، فلم يوجد، فمنذ سقط الخاتم اختلفت الكلمة.
أصابه الجُذام، فجمع له عمر الأطباء فعالجوه بالحنظل، فوقف المرض. له أحاديث اتفقا على حديث، وانفرد مسلم بحديث. روى عنه أبو سَلَمة بن عبد الرحمن حديث "ويلٌ للأعقاب من