ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله تعالى وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس وقد تقدم حديث ابن مسعود في ذلك. وصنيع عثمان بما يوافقه.
وروى ابن المنذر عن أبي إسحاق قال: سألت عبد الرحمن بن يزيد متى دفع عبد الله من جمع قال: كانصراف القوم المسفرين من صلاة الغداة. وروى الطبري عن علي رضي الله تعالى عنه قال: لما أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمزدلفة غدا فوقف على قزح وأردف الفضل ثم قال: هذا الموقف وكل المزدلفة موقف حتى إذا أسفر دفع. وأصله في الترمذي دون قوله حتى إذا أسفر، ولابن خزيمة عن ابن عباس كان أهل الجاهلية يقفون بالمزدلفة حتى إذا طلعت الشمس فكانت على رؤوس الجبال كأنها العمام على رؤوس الرِّجال دفعوا، فدفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أسفر كل شيء قبل أن تطلع الشمس.
وللبيهقي عن المسور بن مخرمة نحوه، وفي هذا الحديث فضل الدفع من الموقف بالمزدلفة عند الإسفار، وقد تقدم بيان الاختلاف فيمن دفع قبل الفجر عند حديث أسماء الماضي قبل باب. ونقل الطبري الإجماع على أن من لم يقف فيه حتى طلعت الشمس فإنه الوقوف، قال ابن المنذر: وكان الشافعي وجمهور أهل العلم يقولون بظاهر هذه الأخبار. قلت ظاهر الأخبار الدفع عند الإسفار، فما فيها واحد قال على الدفع ليلًا الذي هو مذهب الشافعي كما مرَّ، وكان مالكًا يرى أن يدفع عند الإسفار، واحتج له بعض أصحابه بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعجل الصلاة مغلسًا إلا ليدفع قبل الشمس فكل من بعد دفعه من طلوع الشمس كان أولى.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرَّ حجاج بن منه الذي الثامن والأربعين من الإِيمان، ومرَّ شعبة في الثالث منه ومرَّ أبو إسحاق في الثالث والثلاثين منه، ومرَّ عمرو بن ميمون الجزري في الخامس والتسعين من الوضوء، ومرَّ عمر في الأول من بدء الوحي، وهذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه فقول بعضهم إنه من أفراد، غير صحيح.