للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الخامس والثلاثون]

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ مَنْ أَبِي فَقَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ". ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِى". فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- نَبِيًّا، فَسَكَتَ.

قوله: "خرج فقام عبد الله بن حذافة" فيه حذف يظهر من الرواية الأخرى، والتقدير خرج فسئل، فأكثروا عليه، فغضب، فقال: سلوني، فقام عبد الله. وقوله: "أبوك حذافة" في مسلم: أنه كان يدعى لغير أبيه، ولما سمعت أمه سؤاله، قالت: ما سمعت بابن أعقَّ منك. أمنت أن تكون أمك قارفت ما يقارف نساء الجاهلية؟ فتفضحها على أعين الناس؟ فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به.

وقوله: "فبرك عمر على ركبتيه" مر أن البروك حقيقة للبعير، واستعمل في الآدمي على طريق المجاز غير المقيد، وهو أن يكون في حقيقته مقيدًا، فيستعمل في الأعم بلا قيد، كالمشفر لشفة البعير، فيستعمل لمطلق الشفة، فيقال: زيد غليظ المشفر.

وقوله: "فقال" أي: عمر، رضي الله تعالى عنه، بعد، أن برك على ركبتيه، تأدبًا وإكرامًا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وشفقته على المسلمين: وقوله: "فسكت" أي غضبه وفي بعض الروايات "فسكن غضبه" بدل "فسكت" قال ابن بطّال: فهم عمر منه أن تلك الأسئلة قد تكون على سبيل التعنت أو الشك، فخشي أن تنزل العقوبة بسبب ذلك، فقال: رضينا بالله ربًا إلى آخره، فرضي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك، فسكت.

<<  <  ج: ص:  >  >>