للرجل، وإلا لما كان في التقييد بالمرأة فائدة، قلت: المفهوم هنا أن الرجل أولى بالتغطية، فهو من باب الأولى، وقد ذهب إلى جواز تغطية الرجل المحرم وجهه عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومجاهد، وإليه ذهب الشافعي وجمهور أهل العلم.
وذهب أبو حنيفة ومالك إلى المنع من ذلك، واحتجا بحديث ابن عباس في المحرم الذي وقصته ناقته، فقال عليه الصلاة والسلام:"لا تخمروا وجهه ولا رأسه" رواه مسلم، ورواه النسائي بلفظ:"وكفنوه في ثوبين خارجا وجهه ورأسه" أ. هـ.
ثم قال: وقال جابر رضي الله تعالى عنه: لا أرى المعصفر طيبًا.
أي: تطيبًا، وقد مرَّ ما فيه من الخلاف قريبًا، وهذا التعليق وصله الشافعي ومسدد، وجابر قد مرّ في الرابع من بدء الوحي. أ. هـ.
ثم قال: ولم تر عائشة بأسًا بالحلي والثوب الأسود والمورد والخف للمرأة.
وصله البيهقي عن ابن باباه المكي أن امرأة سألت عائشة: ما تلبس المرأة في إحرامها، قالت عائشة: تلبس من خزها وبزها وأصباغها وحليها، وأما المورد والمراد به ما صبغ على لون الورد، فسيأتي موصولًا في باب طواف النساء في آخر حديث عطاء، عن عائشة، وأما الخف فوصله ابن أبي شيبة عن ابن عمر والقاسم بن محمد والحسن وغيرهم، وقد مرّ محل عائشة قريبًا. أ. هـ.
ثم قال: وقال إبراهيم: لا بأس أن يبدل ثيابه.
وصله سعيد بن منصور وابن أبي شيبة كلاهما عن هشيم، عن مغيرة وعبد الملك ويونس، أما مغيرة فعن إبراهيم، وأما عبد الملك فعن عطاء، وأما يونس فعن الحسن، قالوا: يغير المحرم ثيابه ما شاء، لفظ سعيد، وفي رواية ابن أبي شيبة أنهم لم يروا بأسًا أن يبدل المحرم ثيابه، وأخرج سعيد عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: كان أصحابنا إذا أتوا بئر ميمون اغتسلوا ولبسوا أحسن ثيابهم، فدخلوا فيها مكة، وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي، وقد مرّ في الخامس والعشرين من الإِيمان.