هذا الحديث قد مرَّ استيفاء الكلام عليه في كتاب الإيمان في باب "إذا لم يكن الإِسلام على الحقيقة".
[رجاله سبعة]
قد مرّوا، وفيه لفظ رجل مبهم، مرَّ محمد بن غُرير ويعقوب بن إبراهيم في السادس عشر من العلم، ومرّ إبراهيم بن سعد في السادس عشر من الإيمان، ومرَّ عامر بن سعد وأبوه سعد في العشرين منه، ومرَّ صالح بن كيسان في الأخير من بدء الوحي، ومرَّ ابن شهاب في الثالث منه، والرجل المبهم هو جُعَيل بن سُراقة، وقد مرّ في العشرين من الإيمان. والحديث مرَّ الكلام عليه عند ذكره في العشرين من الإيمان.
ثم قال: وعن أبيه عن صالح عن إسماعيل بن محمد أنه قال: سمعت أبي يحدث بهذا، فقال في حديثه: فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، فجمع بين عنقي وكتفي ثم قال: أقبل، أيْ سعدُ إني لأُعطي الرجل ... وهذا طريقة من الحديث الأول، ذكره بإسنادين، وموضع الترجمة منه قوله في الرواية الثانية "فجمع بين عنقي وكتفي ثم قال أقبل" قوله: فجمع، بفاء العطف وفعل الماضي، في رواية أبي ذَرٍّ، وفي رواية غيره "جمع" بدون فاء، ويروى "فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، فجمع بين عنقي وكتفي" أي: حيث يجتمعان، وتوجيه هذه الرواية أن يكون لفظ "بين" اسمًا لا ظرفًا، كقوله تعالى:{لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} على قراءة الرفع، فيكون لفظ "مجمع" مضافًا إليه. ويروى "فضرب عليه الصلاة والسلام بيدهِ يجمع بين عنقي وكتفي" بالباء الجارة، وضم الجيم وسكون الميم، ومحله نصب على الحال، تقديره: فضرب بيده خال كونها مجموعة.
وقوله: أقبل بفتح الهمزة، أمر من الإقبال، أو بكسر الهمزة وفتح الباء من القبول، وتوجيه الأولى كأنه لما قال له ما قال، تولى ليذهب، فقال له: أقبل لأبين لك وجه الإعطاء والمنع. ومعنى الثانية إقْبَل ما أنا قائل لك، ولا تعترض عليه، ويدل عليه رواية مسلم "أقِتالًا أي سعد" أي: أتقاتل قتالًا، أي تعارضني فيما أقول مرة بعد مرة؟ كأنك تقاتل. وهذا يُشعر بأنه عليه الصلاة والسلام كره منه إلحاحه عليه في المسألة.
[ورجال هذه الطريقة خمسة]
مرّ محل إبراهيم بن سعد وصالح بن كيسان وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، في الذي قبله. والباقي اثنان: الأول إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزُّهريّ المدنيّ، ذكره