قوله:"وقال أحمد بن شبيب" كذا للأكثر، وفي رواية لأبي ذَرٍّ:"حدّثنا أحمد" ووصله أبو داود في كتاب "الناسخ والمنسوخ" عن محمد بن يحيى الذّهْلِيّ عن أحمد بن شبيب بإسناده، وزاد فيه سؤال الأعرابيّ:"أَتَرث العمة؟ قال ابن عمر: لا أدري" وزاد في آخره بعد قوله: "طهر للأموال" ثم التفت إليّ فقال: "ما أُبالي لو كان لي مثل أحد ذهبًا، أعلم عدده، أزكيه وأعمل فيه بطاعة الله تعالى".
وهو عند ابن ماجة عن عقيل عن الزُّهريّ، وقوله:"مَنْ كنزها فلم يؤدِّ زكاتها" أفرد الضمير إما على سبيل تأويل الأموال أو عودًا إلى الفضة؛ لأن الانتفاع بها أكثر، أو كأنَّ وجودها في زمنهم أكثر من الذهب، أو على الاكتفاء ببيان حالها عن بيان حال الذهب، والحامل على ذلك رعاية لفظ القرآن، حيث قال: ينفقونها، وقد مرَّ ما قيل فيها عند ذكر الآية.
وقوله:"قبل أن تنزل الزكاة" هذا مشعر بأن الوعيد على الاكتنار، وهو حبس ما فضل عن الحاجة عن المواساة به في أول الإِسلام، ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة لما فتح الله الفتوح، وقدرت نُصُب الزكاة، فعلى هذا المراد بنزول الزكاة بيان نُصُبها ومقاديرها, لا إنزال أصلها. وقد مرَّ ما قيل في وقت نزول الزكاة عند الحديث السادس، حديث أبي بكر وعمر.
وقوله:"طهرًا للأموال" من حق الفقراء، وهو أوساخ الناس، فإذا أخرجت الزكاة حصل الطهر للأموال، وكذلك هي طهر لأصحابها عن رذائل الأخلاق والبخل. وقول ابن عمر السابق:"لا أبالي لو كان لي مثل أحد ذهبًا ... إلخ"، كأنه يشير إلى قول أبي ذَرٍّ الآتي آخر الباب، والجمع بين كلام ابن عمر وحديث أبي ذَرٍّ الآتي آخر الباب "لا أحب أن لي مثل أحد ذهبًا أُنفقه ... إلخ" أنْ يُحْمَل حديثُ أبي ذَرٍّ على مال تحت يد الشخص لغيره، فلا يحب أن يحبسه عنه. قلت: هذا المعنى بعيد لا وجه له، أو يكون له، لكنه ممن يرجى فضله، وتطلب عائدته، كالإِمام الأعظم، فلا يحب أن يدخر عن المحتاجين من رعيته شيئًا.