وكوفي أخرجه البخاري أيضًا في الزكاة وفي "الاستئذان" عن أبي عاصم وفي "الصلاة" عن إسحاق بن منصور والنَّسائيّ في "الصلاة" أيضًا. ثم قال المصنف:
[باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال]
يقال: فتلت الرجل عن وجهه فانفتل أي: صرفته فانصرف، قال الجوهري: هو قلب لفت والانصراف أعم من الانفتال؛ لأن الانفتال لابد فيه من لفتة بخلاف الانصراف، فإنه يكون بلفتة وبغيرها والألف والام في اليمين والشمال عوض عن المضاف إليه أي: عن يمين المصلي وعن شماله. وقال الزين بن المنير جمع في الترجمة بين الانفتال والانصراف للإشارة إلى أنه لا فرق في الحكم بين الماكث في مصلاّه إذا انفتل لاستقبال المأمومين وبين المتوجه لحاجته إذا انصرف إليها. ثم قال: وكان أنس بن مالك ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على مَنْ يتوخى، أو مَنْ يعمد الانفتال عن يمينه، وصله مسدد في "مسنده الكبير" عن قتادة قال: كان أنس فذكره وقال فيه: ويعيب على مَنْ يتوخى ذلك أن لا ينفتل إلا عن يمينه، ويقول: يدور كما يدور الحمار. وقوله:"يتوخى" بخاء معجمة مشددة أي: يقصد. وقوله:"أو مَنْ يعمد" شك من الراوي وظاهر هذا الأثر عن أنس يخالف ما رواه مسلم عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي. قال: سألت أنسًا كيف أنصرف إذا صلّيت عن يميني أو عن يساري؟ قال: أما أنا فأكثر ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ينصرف عن يمينه، ويجمع بينهما بان أنسًا عاب مَنْ يعتقد تحتم ذلك ووجوبه، وأما إذا استوى الأمران فجهة اليمين أولى.