قوله: بابٌ، أي: بالتنوين، أي: هل يفترق حكمه أو يتَّحد؟ وإلى الثاني ذهب الجمهور، وخالف في ذلك ابن سيرين وقتادة، ونُقل عن عطاء. ونظم بعض المالكية المسائل التي يختلف فيها سهو الفرض والنفل فقال:
السهو في النفل كفرض ما عدا ... سرًا وجهرًا سورة نلتَ الهدى
فإن الثلاثة الأول يسجد لسهوها في الفرض بخلاف النفل، ومن عقد الركعة الثالثة في الصبح مثلًا، رجع بخلاف النفل، فإنه يتمادى، ويأتي برابعة، ومن نسي ركنًا من فرض وحصل الطول، يعيد، بخلاف النفل، فلا إعادة عليه.
ثم قال: وسجد ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، سجدتين بعد وتره، وتعلق هذا الأثر بالترجمة، من جهة ان ابن عباس كان يرى أن الوتر غير واجب، ويسجد مع ذلك فيه للسهو، ووصله ابن أبي شيبة، بإسناد صحيح، عن أبي العالية قال: رأيت ابن عباس يسجد بعد وتره سجدتين، وابن عباس مرَّ في الخامس من بدء الوحي.
وجه مطابقة الحديث للترجمة من جهة قوله: وإذا صلى، أي: الصلاة الشرعية، وهو أعم من أن تكون فريضة أو نافلة. وقد اختلف في إطلاق الصلاة عليهما، هل هو من الاشتراك اللفظيّ أو المعنويّ؟ وإلى الثاني ذهب جمهور أهل الأصول، لجامع ما بينهما من الشروط التي لا تنفك. ومال الفخر الرازيّ إلى أنه من الاشتراك اللفظيّ، لما بينهما من التباين في بعض الشروط. ولكن طريقة الشافعي ومن تبعه في أعمال المشترك في معانيه عند التجرد، تقتضي دخول النافلة أيضًا في هذه العبارة، فإن قيل: إن قوله في الرواية التي قبل هذه "إذا نودي للصلاة" قرينة في أن المراد