أي باللفظ المتعارف؛ لأنه خطاب آدمي، واختلف فيما إذا رده بلفظ الدعاء، كأن يقول: اللهم اجعل على من سلم عليَّ السلام، وقد اختلف الأئمة في هذا الباب، فقال قوم منهم: يرد السلام نطقًا، وهو المرويُّ عن أبي هريرة وجابر والحسن وابن المسيب وقتادة. ومنهم من قال: يستحب رده بالإشارة، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأبو ثَوْر. وقيل: يرد في نَفسه، رُوِيَ ذلك عن أبي حَنِيفة. وقال قوم: يرد بعد السلام، وهو قول عطاء والثوري والنخعى، وهو المرويّ عن أبي ذَرٍّ وأبي العالية، وبه قال محمد بن الحسن.
وقال أبو يوسف: لا يرد لا في الحال ولا بعد الفراغ، وقالت طائفة من الظاهرية: إذا كانت الإشارة مفهمة قطعت عليه صلاته، لما رواه الطحاويّ وأبو داود عن أبي هُريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال:"التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، ومن أشار في صلاته تفهم مِنه، فلْيُعدها" وهذا الحديث قال أبو داود وَهْم، وقال أحمد: لا يثبت إسناده، وليس بشيء وأَعَلَّه ابن الجَوْزيّ.
هذا الحديث مرَّ قريبًا في باب "ما يُنهى عنه من الكلام في الصلاة"، ومرَّ الكلام عليه هناك.
[رجاله ستة]
قد مرّوا إلا شيخ البخاريّ، مَرَّ محمد بن فضيل في الحادي والثلاثين من الإيمان، ومرَّ الأعمش وإبراهيم وعلقمة بهذا النسق في الخامس والعشرين منه، ومرَّ ابن مسعود في أول أثر منه.
وشيخ البخاريّ عبد الله بن محمد بن أبي شَيبة إبراهيم بن عثمان بن خُواستي بضم الخاء وفتح الواو ممدودة وسكون السين المهملة فمثناة فوقية فتحتانية، العبسيّ مولاهم أبو بكر الحافظ، قال ابن حبان في "الثقات": كان متقنًا حافظًا، دينًا ممن كتب وجمع وصنف وذاكر، وكان أحفظ أهل زمانه للمقاطيع. وقال أبو زرعة الرازيّ: ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة، فقال ابن خرائش: يا أبا زرعة وأصحابنا البغداديين؟ فقال: دع عنك، أصحابُكَ أصحابُ مخاريق.