قوله:"زعم عطاء" في رواية الأصيلي عن عطاء ولمسلم حدّثني عطاء. وقوله:"أن جابر بن عبد الله زعم" قال الخطابي: لم يقل زعم على وجه التهمة، لكنه لما كان أمر مختلفًا فيه أتى بلفظ الزعم؛ لأن هذا اللفظ لا يكاد يستعمل إلا في أمر يرتاب فيه أو يختلف فيه، وقد يستعمل في القول المحقق أيضًا كما مرّ مرارًا. وكلام الخطابي لا ينفي ذلك، وفي رواية أحمد بن صالح الآتية عن جابر، ولم يقل زعم.
وقوله:"فليعتزلنا أو فليعتزل مسجدنا" شك من الراوي وهو الزهري ولم تختلف الرواة عنه في ذلك. وقوله:"أو ليقعد في بيته" كذا لأبي ذرٍّ بالشك أيضًا، ولغيره "وليقعد في بيته" بواو العطف. وكذا لمسلم وهو أخص من الاعتزال؛ لأنه أعم من أن يكون في البيت أو غيره.
وقوله:"وأن النبي -صلى الله عليه وسلم-" هذا حديث آخر وهو معطوف على الإِسناد المذكور والتقدير. وحدّثنا سعيد بن عفير بإسناده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي وقد تردد البخاري فيه هل هو موصول أو مرسل كما يأتي قريبًا في قوله، فلا أدري هو من قول إلخ. وهذا الحديث الثاني كان متقدمًا على الذي قبله بست سنين؛ لأن الأول تقدم في حديث ابن عمر وغيره أنه وقع منه -صلى الله عليه وسلم- في غزوة خيبر، وكانت سنة سبع وهذا وقع في السنة الأولى عند قدومه -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ونزوله في بيت أبي أيوب الأنصاري لما سنبينه قريبًا.
وقوله:"أُتي بقِدر" بضم الهمزة وبكسر القاف والقِدر هو ما يطبخ فيه يذكر ويؤنث والتأنيث أشهر لكن الضمير في قوله فيه خضرات يعود على الطعام الذي في القِدر، فالتقدير أتى بقِدر من طعام فيه خضرات؛ ولهذا لما أعاد الضمير على القدر أعاده بالتأنيث حيث قال: فأخبر بما فيها، وحيث قال:"قرّبوها" قلت: أيسر من التقدير المذكور كون الضمير رجع إلى القدر بالتذكير طورًا