قوله:"عن وراد" عند الإسماعيلي من رواية سليمان بن المعتمر حدّثنا ورّاد. وقوله:"في كتاب إلى معاوية" كان المغيرة إذ ذاك أميرًا على الكوفة من قِبل معاوية ويأتي في "الدعوات" عن ورّاد بيان السبب في ذلك، وهو أن معاوية كتب إليه: اكتب إليَّ حديثًا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وفي "القدر" عن وراد قال: كتب معاوية إلى المغيرة اكتب إليَّ ما سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول خلف الصلاة، وقد قيّدها في رواته الباب بالمكتوبة، وكأن المغيرة فهم ذلك من قرينة في السؤال، واستدل به على العمل بالمكاتبة وأجرائها مجرى السماع في الرواية ولو لم تقترن بالإجازة، وعلى الاعتماد على خبر الشخص الواحد. وقيل إن معاوية كان قد سمع الحديث المذكور وإنما أراد استثبات المغيرة، واحتج القائل بما في "الموطأ" أن معاوية كان يقول على المنبر: "أيّها الناسُ إنه لا مانعَ لما أعطى الله، ولا معطيَ لما منعَ الله، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منه الجدُّ، من يُرِدِ اللهُ به خيرًا يفقهْهُ في الدينِ، ثم يقول سمعتهُ مِنْ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- على هذه الأعواد".
وقوله:"في دُبُر كلِّ صلاة" بضمتين وبسكون الباء الموحدة أي: عُقْب كلّ صلاة. وقوله:"لا إله إلا الله" بالرفع على الخبرية (للا) أو على البدل من الضمير المستتر في الخبر، أو من اسم (لا) باعتبار محله قبل دخولها، أو أن (إلا) بمعنى غير (أي لا إله غير الله في الوجود)؛ لأنا لو حملنا (إلا) على الاستثناء لم تكن الكلمة توحيدًا محضًا. قلت: لم يظهر لي معنى لم تكن توحيدًا محضًا، وعورض ما ذكر بأنه على تأويل (إلا) بغير يصير المعنى نفي إله مغاير له، ولا يلزم من نفي مغاير الشيء إثباته هو، فيعود الإشكال. وأجيب بأن إثبات الإله كان متفقًا عليه بين العقلاء إلا أنهم كانوا يثبتون الشركاء والأنداد، فكان المقصود بهذه الكلمة نفي ذلك وإثبات الإِله من لوازم المعقول. سلّمنا أن لا إله دلّت على نفي سائر الآلهة وعلى إثبات الإِلهية لله تعالى إلا أنها بوضع الشرع لا بمفهوم أصل اللغة. وقد يجوز النصب على الاستثناء أو الصفة لاسم (لا) إذا كانت بمعنى غير،