وقال أبو بكر بن العربيّ: اختلف فيها الصحابة، ولم يفعلها أحد بعدهم، وخالف هذا محمد بن نصر، فقال: رَوَيْنا عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون الركعتين قبل المغرب، ثم أخرج ذلك بأسانيد متعددة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن بُريدة ويحيى بن عقيل والأعرج وعامر بن عبد الله بن الزبير وعِراك بن مالك، ومن طريق الحسين أنه سُئل عنهما، فقال: حَسَنَتين والله لمن أراد بهما. وعن سعيد بن المُسيَّب أنه كان يقول: حق على كل مؤمن إذا أذن المؤذن أن يركع ركعتين، ولكن هذا لفظ عام لا يستدل به لهاتين الركعتين؛ لأن الخلاف الحاصل في استثنائهما وعدمه.
قلت: يمكن أن يجاب عما قاله ابن العربيّ بأنه لم يثبت عنده ما نقله محمد بن نصر، ومطابقة حديث أنس هذا للترجمة من جهة الإشارة إلى أن الصحابة إذا كانوا يبتدرون إلى الركعتين قبل صلاة المغرب مع قصر وقتها، فالمبادرة إلى التنفل قبل غيرها من الصلوات تقع من باب الأولى، ولا يتقيد بركعتين إلا ما ضاهى المغرب في قصر الوقت، كالصبح. قلت: الصبح وقته ليس بضيق، بل هو من أوسع الأوقات.
[رجاله خمسة]
الأول: محمد بن بشّار، وقد مرّ في الحادي عشر من العلم، ومرّ غُندر في الخامس والعشرين من الإيمان، ومرّ شُعبة في الثالث منه، ومرّ أنس في السادس منه، ومرّ عمرو بن عامر في الثامن والسبعين من الوضوء.
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والإخبار كذلك في موضع، والعنعنة في موضع، والسماع والقول في أربعة، ورواته ما بين مدنى وبَصْريّ وواسطيِّ. أخرجه البُخاريّ في الصلاة أيضًا، والنَّسائيّ فيها.
ثم قال: قال: وقال عثمان بن جبلة وأبو داود، عن شُعبة: لم يكن بينهما إلا قليل. قال ابن حجر: لم تتصل لنا رواية عثمان بن جَبَلَةَ ولا رواية أبي داود، وزعم مُغَلْطاي أن الإسماعيليّ وصلها في مستخرجه، وليس كذلك، وإنما