تنبيه: لما ذكر أن سفيان مدلس، وبين حكم روايته بالعنعنة، احتيج إلى معرفة التدليس، ومعناه في الأصل كتم العيب ونحوه في المبيع، وهو مشتق من الدَّلس بالتحريك، وهو الظُّلمة، كأنه لتغطيته على الواقف على الحديث أو غيره أظلم أمره وهو ثلاثة أقسام:
أولها: تدليس الإِسناد: وهو أن يروي عمن سمع منه ما لم يسمعه منه موهمًا أنه سمعه، وذلك بأن يسقط مَنْ حدثه من الثقات لصغره، أو من الضعفاء، ولو عند غيره فقط، ويرتقي لشيخ شيخه ففوقه ممن عرف له منه سماع، وإن اقتضى كلام ابن الصلاح أنه ليس بشرط، وتحصل التأدية "بعن" أو "أن" أو "قال" ونحوها مما لا يقتضي اتصالا لئلا يكون كذبا، وهو يخالف الإِرسال الخفي، فإنه وإن شارك التدليس في الانقطاع، يختصُّ بمن روى عمن عاصره، ولم يسمع منه، واختلف في حديث أهله، فقيل: يرد مطلقًا, لأن التدليس جرح لما فيه من التهمة والغش، وقيل: يقبل مطلقًا كالمرسل عند من يحتج به، وقيل: إن لم يدلس إلا عن الثقات كسفيان بن عُيْينة قُبل وإلا فلا؛ وقيل: من ندر تدليسه قبل وإلا فلا.
والأكثر من المحدثين على قَبول ما صرح ثقاتهم بوصله كسمعت وحدثنا، لأن التدليس ليس كذبًا، وإنما هو تحسين لظاهر الإِسناد، وضرب من