فاعل يعطي محذوف، أي: لا يعطي صاحبُ الهدي، والجزَّار منصوب على المفعولية، وروي بفتح الطاء والجزار بالرفع.
[الحديث الرابع والتسعون والمائة]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِىٍّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُمْتُ عَلَى الْبُدْنِ، فَأَمَرَنِي فَقَسَمْتُ لُحُومَهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي فَقَسَمْتُ جِلاَلَهَا وَجُلُودَهَا. قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ رضي الله عنه قَالَ أَمَرَنِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَقُومَ عَلَى الْبُدْنِ، وَلاَ أُعْطِيَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي جِزَارَتِهَا.
قوله:"وقال سفيان" هو المذكور بالإسناد المذكور وليس معلقًا، وقد وصله النسائي عن سفيان، وعبد الكريم المذكور هو الجزري كما في الرواية التي في الباب بعده.
وقوله:"فقمت على البدن" أي: التي أرصدها للهدي. وفي الرواية الأخرى:"أن أقوم على البدن" أي: عند نحرها للاحتفاظ بها، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك أي: على مصالحها في عقلها ورعيها وسقيها وغير ذلك، وقد مرَّ في الباب الذي قبله بيان عدد البدن، وعدد ما نحر بيده الشريفة عليه الصلاة والسلام.
وقوله:"ولا أعطي عليها شيئًا في جزارتها" وكذا قوله في الرواية التي في الباب بعده: "ولا يعطي في جزارتها شيئًا" ظاهرهما أن لا يعطي الجزار شيئًا البتة، وليس ذلك بمراد، بل المراد أن لا يعطي الجزار منها شيئًا كما عند مسلم، وظاهره مع ذلك غير مراد، بل بيّن النسائي في روايته عن ابن جريج أن المراد منع عطية الجزار من الهدي عوضًا عن أجرته، ولفظه: ولا يعطي في جزارتها منها شيئًا، وقال ابن خزيمة: النهي عن إعطاء الجزار المراد به أن لا يعطي منها عن أجرته، وكذا قال البغوي في "شرح السنة" قال: وأما إذا أعطي أجرته كاملة، ثم تصدق عليه إذا كان فقيرًا كما يتصدق على الفقراء، فلا بأس بذلك، وقال غيره: إعطاء الجزار على سبيل الأجرة ممنوع لكونه معاوضة، وأما إعطاؤه صدقة أو هدية أو زيادة على حقه فالقياس الجواز، ولكن إطلاق الشارع ذلك قد يفهم منه منع الصدقة؛ لئلا تقع مسامحة في الأجرة لأجل ما يأخذه، فيرجع إلى المعاوضة.