من أهل المعاصِي، ويحتمل أن يكون العمل المذكور لابد منه، عقوية له بذلك، ليفتضح على رؤوس الأشهاد، وأما بعد ذلك، فإلى الله الأمر في تعذيبه أو العفو عنه. وقال غيره: هذا الحديث يفسر قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: يأت به حاملًا له على رقبته، ولا يقال إن بعض ما يسرق من النقد أخف من البعير مثلًا والبعير أرخص ثمنًا، فكيف يعاقب الأخف جناية بالأثقل؟ وعكسه؛ لأن الجواب أن المراد بالعقوبة بذلك، فضيحة الحامل على رؤوس الأشهاد في ذلك الموقف العظيم، لا بالثقيل والخفة.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الغالّ عليه أن يعيد ما غل قبل القسمة، وأما بعدها، فقال مالك والثَّوْرِيّ والأوزاعيّ واللَّيث: يدفع إلى الإِمام خمسه، ويتصدق بالباقي، وكان الشافعيّ لا يرى ذلك، ويقول: إن كان ملكه، فليس عليه أن يتصدق به، وإن كان لم يملكه، فليس له الصدقة بمال غيره. قال: والواجب أن يدفعه إلى الإمام كالأموال الضائعة.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرَّ الحكم بن نافع وشعيب في السابع من بدء الوحي، ومرَّ أبو الزناد والأعرج في السابع من الإيمان، ومرَّ أبو هريرة في الثاني منه.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإفراد والإخبار بالجمع، والسماع والقول، وفيه أن نصف السند حُمصيّ، ونصفه مَدَنِيّ. أخرجه مسلم وأبو داود والنَّسَائيّ.
قوله: "عن أبي صالح" كذا رواه عبد الرحمن، وتابعه زيد بن أسلم عن أبي صالح عند مسلم، وساقه مطولًا، وكذا رواه مالك عن عبد الله بن دينار، ورواه ابن حِبّان عن القعقاع بن حلية عن أبي صالح، لكنه وقفه على أبي هريرة، وخالفهم عبد العزيز بن أبي سَلَمة، فرواه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، أخرجه النَّسَائِيّ، ورجحه، لكن قال ابن عبد البَرَّ: رواية عبد العزيز خطأٌ بَيِّنْ؛ لأنه لو كان عند عبد الله بن دينار عن ابن عمر ما رواه عن أبي صالح أصلًا.