وما مرّ من أن الأولى إدخال حديث ابن مسعود الذي قبله تحت هذه الترجمة أجاب عنه في الفتح بأن الذي يظهر أنه لما كان من سأل قد يكون مسلمًا وقد يكون مشركًا وقد يكون من الفريقين، وكان في حديث ابن مسعود أن الذي سأل كان مشركًا ناسب أن يذكر في الذي بعده ما يدل على ما إذا كان الطلب من الفريقين، ولذلك ذكر لفظ الترجمة عامًا لقوله سؤال الناس، وذلك أن المصنف أورد في هذا الباب حديث تمثل ابن عمر بشعر أبي طالب وقول أنس "إن عمر كان إذا قحطوا استسقى بالعباس" وقد اعترضه الإسماعيلي فقال: حديث ابن عمر خارج عن الترجمة إذ ليس فيه أن أحدًا سأله أن يستسقى له، ولا في قصة العباس التي أوردها أيضًا.
وأجاب ابن المنير عن حديث ابن عمر بأن المناسبة تؤخذ من قوله فيه:"يستسقى الغمام"؛ لأن فاعله محذوف وهم الناس، وعن حديث أنس بأن في قول "عمر كنا نتوسل إليك بنبيك" دلالة على أن للإمام مدخلًا في الاستسقاء وتعقب بأنه لا يلزم من كون فاعل يستسقي الناس أن يكونوا سألوا الإمام أن يستسقي لهم كما في الترجمة، وكذلك ليس في قول عمر إنهم كانوا يتوسلون به دلالة على أنهم سألوه أن يستسقي لهم إذ يحتمل أن يكونوا في الحالين طلبوا السقيا من الله مستشفعين به عليه الصلاة والسلام.
وقال ابن رشيد: يحتمل أن يكونوا أرادوا بالترجمة الاستدلال بطريق الأولى؛ لأنهم إذا كانوا يسألون الله به فيسقيهم فأحرى أن يقدموه للسؤال وهو حسن، ويمكن أن يكون أراد من حديث ابن عمر سياق الطريق الثانية عنه وأن يبين أن الطريق الأولى مختصرة منها وذلك أن لفظ الثانية ربما ذكرت قول الشاعر "وأنا انظر إلى وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي" فدل ذلك على أنه هو الذي باشر الطلب عليه الصلاة والسلام وأن ابن عمر أشار إلى قصة وقعت في الإِسلام حضرها هو لا مجرد ما دل عليه شعر أبي طالب، وقد علم من بقية الأحاديث أنه عليه الصلاة والسلام إنما استسقى إجابة لسؤال من سأله في ذلك كما في حديث ابن مسعود الماضي وحديث أنس الآتي وغيرهما من الأحاديث. وأوضح من ذلك ما أخرجه البيهقي في الدلائل عن مسلم الملائي عن أنس قال: "جاء أعرابي إلى