قوله:"إن الدّين يُسْرٌ" مرّ قريبًا، أن في تفسيره تأويلين، واستدل القائل بأن المعنى أنَّه نفسُ اليُسر، بما قاله بعضهم في النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنَّه عَيْن الرحمة" مُسْتدلًا بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧] كأنه، لكثرة الرحمة المودعة فيه، صار نَفْسها. والتأكيد فيه بإن، فيه رد على مُنْكر يُسْر هذا الدين، فإما أن يكون المُخاطب مُنْكرا، أو على تقدير تنزيله مَنْزِلَته، أو على تقدير المنكرين غير المخاطبين، أو لكون القصة مما يُهتم بها. وقوله: ولَنْ يُشَادَّ الدينَ إلا غلبه. هكذا في بعض الروايات بإضمار الفاعل، للعلم به وفي أكثر الروايات "ولن يُشادَّ الدِّينَ أحدٌ إلّا غلبه" وفي بعضها هذا الدّين بنصب الدِّين فيهما على المفعولية. وحكى صاحب المَطَالع أن أكثر الروايات برفع الدِّين على أن يُشادَّ مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وتَعقَّبَهُ النّوويّ بأن أكثر الروايات بالنصب، وجمع الحافظُ بينهما بأنه بالنسبة إلى روايات المشارقة والمغاربة. ويؤيد النصبَ حديثُ بُريْدة عند أحمد أنه من شادَّ هذا الدّين يغلِبُه، والمُشادَّة بالتشديد المُغَالبة. يقال: شادّه يُشادُّه مُشادَّةً، إذا قاوَاه. والمعنى لا يَتَعَمَّقُ أحدٌ في الأعمال الدّينية ويترك الرِّفق إلا عَجِز وانقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة، فإنه من الأمور