للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجرِ قول. وفي رواية "وقولُ" بالرفع على القطع، وقوله: "أحب الدين" أي: خصال الدين المعهود الذي هو دين الإِسلام، لأن خصال الدين كلها محبوبة، لكن ما كان منها سمحًا، أي سهلًا، فهو أحبُّ إلى الله تعالى، ويدل عليه ما أخرجه أحمد بسند صحيح من حديث أعرابي لم يُسمِّه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خَيرُ دِينكم أيسَرُه" أو: الدين جنس، أي: أحب الأديان إلى الله تعالى الحنيفية، والمراد بالأديان الشرائع الماضية، قبل أن تُبدَّل وتُنْسخ.

والحَنيفيّة مِلَّة إبراهيم، والحَنيفيّ من كان على ملة إبراهيم، وسمي إبراهيم حَنِيفًا لميله عن الباطل إلى الحق، لأن أصل الحَنَف الميل.

والسَّمْحة: السهلة أي أنها مَبنيّة على السهولة، عارية عمّا يتَكلَّفُه رُهْبان بني إسرائيل من الشدائد، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨] وأحب: مبتدأ، وإنما أخبر عنه. وهو مذكر بمؤنث، وهو الحنيفية، لغلبة الاسمية عليها، لأنها عَلَم على الدِّين أو لأن أفعل التفضيل المضاف لقصد الزيادة على ما أُضيف إليه، يجوزُ فيه الإِفراد والمطابقة لمن هو له.

وهذا الحديث المُعلّق لم يُسنده المؤلف في هذا الكتاب، لأنه ليس على شرطه، فاستعمله في الترجمة، وقوّاه بما دلّ على معناه، لتناسب السهولة واليُسر. وأخرجه موصولًا في كتاب الأدب المُفْرد، وأخرجه أحمد ابن حَنْبَل، وغيره، موصولًا من طريق محمد بن إسحاق. وإسناده حسن، وأخرجه الطَّبرانيّ من حديث عثمان بن أبي عاتِكة، وأخرجه ابن أبي شَيْبة في مُسنده، وطرق هذا عن سبعة من الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>