للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام في الثالث من بدء الوحي على عقيل مكبرًا ومصغرًا.

لطائف إسناده: منها أن رواته كلهم مدنيّون، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والإِخبار. وفيه رواية تابعي عن مثله، ومنها أنه ليس للبخاري عن أبي واقد غير هذا الحديث، ولم يروه عنه إلا أبو مُرّة، ولم يروه عن أبي مرة إلا إسحاق. أخرجه البخاري هنا، وفي الصلاة عن عبد الله ابن يوسف، ومسلم في الاستئذان عن قتيبة وغيره، والترمذيّ في الاستئذان أيضا عن إسحاق بن موسى الأنصاري، وقال حسن صحيح. والنَّسائي في العلم عن قُتيبة وغيره.

ثم قال المُصنف:

باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "رُبَّ مُبْلغٍ أوعى من سامع"

أي: هذا بابُ قول، وقول: مجرور بالإِضافة، ورب، بضم الراء، وتشديد الباء المفتوحة في إحدى لغاتها الاثني عشر: حرفُ جر علي الصحيح، وعند الكوفيين أنها اسم، وترد للتكثير كثيراً، نحو {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحجر: ٢]، وكحديث البخاري "يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عارية يومَ القيامة"، وترد للتقليل قليلًا كقوله:

ألا ربَّ مولودٍ وليس له أبٌ ... وذي وَلَد لم يلده أبوان

وذي شامةٍ سوداء في حر وجهه ... مجللة لا تنقضي لأوان

أراد عيسى وآدم والقمر، قال ابن بون في احمراره:

كثّر برُبَّ قَلِّلَنْ، قليلًا ... كَرَّب من كان هنا ثقيلًا

وقيل: إنها بالعكس، للتكثير قليلًا وللتقليل كثيرًا، وتنفرد عن أحرف الجر بوجوب تصديرها على ما تتعلق به، وتنكير مجرورها، ونعته إنْ كان ظاهرًا، وغلبة حذف عاملها، ومضيه، وبزيادتها في الإِعراب دون المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>