أمامه متوجهًا إليها، بل يجوز أن تكون عن يمينه أو عن يساره أو غير ذلك. قال: ويحتمل أن يكون وقع له قبل شروعه في الصلاة. قال في الفتح: وكأنّ البخاريّ رحمه الله كوشف بهذا الاعتراض، فعجل بالجواب عنه، حيث صدّر الباب بالمعلق عن أنس، ففيه "عرضت عليّ النار وأنا أُصَلّي".
قلت: وفي هذا جواب عن الإيراد، فإن العرض صريح في أنها في وجهه، وفيه التصريح بأنه في الصلاة، وهذا يرد الثاني. وفي حديث ابن عباس أنهم قالوا بعد أن انصرف "يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئًا في مقامك، ثم رأيناك تكعكعت" أي تأخرت إلى خلف. وفي جوابه أن ذلك بسبب كونه أُرِيَ النار، والتناول والتكعكع يقتضيان كونها أمامه. وفي حديث أنس المعلق هنا، عنده في كتاب التوحيد موصولًا "لقد عرضت عليّ الجنة والنار، آنفًا في عرض هذا الحائط، وأنا أُصَلي" وهذا أيضًا قال على أنها أمامه، وعلى أنه في الصلاة وهذا أيضًا يدفع جواب من فرّق بين القريب من المصلِّي والبعيد منه.
[رجاله خمسة]
الأول: عبد الله بن مسلمة، وقد مرَّ في الثاني عشر من كتاب الإيمان, ومرَّ زيد بن أسلم وعطاء بن يسار في الثاني والعشرين منه، ومرَّ مالك بن أنس في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ عبد الله بن عباس في الخامس منه.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع في موضع، والباقي عنعنة، ورواته كلهم مدنيون إلا عبد الله بن مسلمة، سكن البصرة، ومرَّ مواضع إخراجه في باب "كفران العشير". ثم قال المصنف:
[باب كراهية الصلاة في المقابر]
كأنه أشار إلى ما رواه أبو داود والتِّرمِذيّ في ذلك، عن أبي سعيد مرفوعًا "الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمّام". رجاله ثقات، لكنه