رواية حسان هذه العمرة الرابعة، ولهذا استظهر المصنف بطريق أبي الوليد التي ذكرها في آخر الحديث، وهي قوله: وعمرة مع حجته، وكذا أخرجه مسلم عن عبد الصمد عن هشام فتبين بهذا أن التقصير فيه من حسان شيخ البخاري. وقال الكرماني: العمرة الرابعة في هذا الحديث داخلة في ضمن الحج؛ لأنه عليه الصلاة والسلام إما أن يكون قارنًا أو متمتعًا، فالعمرة حاصلة أو مفردًا لكن أفضل أنواع الإفراد لابد فيه من العمرة في تلك السنة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يترك الأفضل.
وليس ما ادعى أنه الأفضل متفقًا عليه بين العلماء، فكيف ينسب فعل ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يحتج به إذا نسب لأحد فعله على ما يختار بعض المجتهدين رجحانه.
[رجاله أربعة]
مرَّ منهم همام بن يحيى في الرابع والثمانين من الوضوء، ومرَّ قتادة وأنس في السادس من الإيمان، والرابع حسان بن حسان بن أبي عباد أبو علي نزيل مكة، وجعل ابن عدي حسان بن حسان غير حسان بن أبي عباد، والصواب أنه رجل واحد، قال البخاري: كان المقري يثني عليه. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. قال في المقدمة: روى عنه البخاري حديثين فقط، أحدهما في المغازي عن محمد بن طلحة، عن حميد، عن أنس أن عمه غاب عن قتال بدر، ولهذا الحديث طرق أخرى عن حميد، والآخر عن همام، عن قتادة، عن أنس في اعتمار النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخرجه عنه في كتاب الحج، وأخرجه أيضًا عن هدبة وأبي الوليد الطيالسي بمتابعة عن همام.
روى عن شعبة، وعبد الله بن بكر المزني، وهمام، وأبي عوانة، وغيرهم، وروى عنه البخاري وأبو زرعة والنضر بن سلمة، وغيرهم، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين، أخرجه البخاري في الحج أيضًا، وفي الجهاد والمغازي، ومسلم في الحج، وكذا أبو داود، والترمذي.
[الحديث السابع]
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا رضي الله عنه فَقَالَ: "اعْتَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَيْثُ رَدُّوهُ، وَمِنَ الْقَابِلِ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ".
قوله:"ومن العام المقبل عمرة الحديبية"، قال ابن التين: هذا أراه وهمًا؛ لأن التي ردوه فيها هي عمرة الحديبية، وأما التي من قابل فلم يردوه فيها، قال: في "الفتح": لا وهم فيها