قوله:"عن عبد الله بن دينار"، هذا إسناد آخر لمالك في هذا الحديث. قال ابن عَبْد البَر: لم يختلف عليه فيه، واعترض ابن التَّيْميّ، فقال: هذا الحديث لا يدل على الترجمة، لجعله غاية الأكل ابتداء أذان ابن أم مكتوم، فدل على أن أذانه كان يقع قبل الفجر بقليل. وجوابه ما مر تقريره في الباب الذي قبله، عند قوله:"أصبحت أصبحت". وقال الزين بن المنير: الاستدلال بحديث ابن عمر أوجه من غيره، فإن قوله:"حتى ينادي ابن أم مكتوم" يقتضي أنه ينادي حين يطلع الفجر؛ لأنّه لو كان ينادي قبله، لكان كبلال ينادي بليل. وحديث عبد الله بن دينار هذا مجمع على صحته، رواه من أصحابه عنه، ورواه شعبة فاختلف عليه فيه، فرواه يزيد بن هارون عنه على الشك أنَّ بلالًا، كما هو المشهور، أو أن ابن أم مكتوم ينادي بليل "فكلوا واشربوا حتى ينادي بلال".
ورواه أبو داود الطَّيالسيّ عنه، جازمًا بالأول، ورواه أبو الوليد عنه، جازمًا بالثاني، وكذا أخرجه ابن خُزيمة وابن حَبّان، وابن المنذر، عنه جازمًا بالثاني، عن أنيسة بنت خُبَيْب، قالت:"قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا أذّن ابن أم مكتوم، فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال، فلا تأكلوا ولا تشربوا، وإن كانت المرأة منا ليبقى عليها شيء من سحورها فتقول لبلال: أمهل حتى أفرغ من سحوري". وادعى ابن عبد البرّ وجماعة، أن هذا الحديث مقلوب، ويُبعد ذلك أنه روي عن عائشة عند ابن خُزَيمة من طريقين. وفي بعض ألفاظه ما يبعد