قوله:"إذا سكت المؤذن"، أي: فرغ من الأذان بالسكوت عنه، بالمثناة الفوقية في الروايات المعتمدة، وحكى ابن التّين أنه رُوي بالموحدة، ومعناه صب الأذان وأفرغه في الأذان، ومنه أفرغ في أذني كلامًا حسنًا. والرواية المذكورة لم تثبت في شيء من الطرق، وإنما ذكرها الخَطّابيّ عن الأوزاعيّ، عن الزُّهريّ. وقال: إن سُويد بن نَصر، راويها عن ابن المبارك، عنه، ضبطها بالموحدة. وأفرط الصَّغانيّ فجزم بأنها الموحدة. وقال: إن المحدثين يقولونها بالمثناة، وأنها تصحيف. وقوله:"بالأولى"، أي: عن الأولى، فالباء بمعنى عن، كقوله تعالى:{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}، أي: عنه، وهي متعلقة بسكت. يقال: سكت عن كذا إذا تركه، والمَراد بَالأولى الأذان الذي يؤذن به عند دخول الوقت، وهو أول باعتبار الإقامة، وثان باعتبار الأذان الذي قبل الفجر. وجاءه التأنيث إما من قبل مواخاته للإقامة، أو لأنه أراد المناداة أو الدعوة التامة. ويحتمل أن يكون صفة لمحذوف، والتقدير إذا سكت عن المرة الأولى أو في المرة الأولى. وقد أخرج البَيهقيّ "أن النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم، كان يخرج بعد النداء إلى المسجد، فإن رأى أهل المسجد قليلًا جلس حتى يجتمعوا، ثم يصلي"، وإسناده قوي مع إرساله، وليس بينه وبيّن حديث الباب تعارض؛ لأنه يحمل على غير الصبح، أو كان يفعل ذلك بعد أن يأتيه المؤذن، ويخرج معه إلى المسجد.