وقوله: إن سائلًا قال في الفتح: لم أقف على اسمه، لكن ذكر شمس الأئمة السّرخسيّ الحنفيّ في كتابه "المبسوط" أن السائل ثَوبان مولى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد عرفناه في الأول من كتاب الشهادات. وقوله: أو لكلكم ثوبان، قال الخطابيّ لفظه استخبار، ومعناه الإخبار عما هم عليه من قلة الثياب، ووقع في ضمنه الفتوى من طريق الفحوى كأنه يقول: إذا علمتم أن سَتر العورة فرض والصلاة لازمة، وليس لكل واحد منكم ثوبان، فكيف لم تعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة؟ أي مع مراعاة ستر العورة به.
وقال الطحاوي: معناه لو كانت الصلاة مكروهة في الثوب الواحد لكرهت لمن لا يجد إلَّا ثوبًا واحدًا. وهذه الملازمة في مقام المنع، للفرق بين القادر وغيره. والسؤال وإنما كان عن الحواز وعدمه، لا عن الكراهة. وقد روى ابن حبان هذا الحديث عن ابن شهاب، لكن قال في الجواب: ليتوشح به ثم ليصل فيه، فيحتمل أن يكونا حديثين أو حديثًا واحدًا فرقه الرواة، وهو الأظهر، وكأَنَّ المصنف أشار إلى هذا لذكره "التوشح" في الترجمة، وعامة العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على جواز الصلاة في الثوب الواحد الساتر للعورة. ومرت مخالفة ابن مسعود في ذلك.
[رجاله خمسة]
الأول: عبد الله بن يوسف، وقد مرَّ هو ومالك في الثاني من بدء الوحي،