فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، ورواته ما بين بصريّ وواسطيّ وكوفيَّينْ، وفيه رواية التابعيّ عن التابعيّ. أخرجه مسلم وابن ماجه في الصلاة، والتِّرْمِذِيّ في الشمايل.
[الحديث السابع عشر]
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ.
هذا الحديث قد مرّ في باب السواك في كتاب الوضوء ومرّ الكلام عليه هناك، واستشكل ابن بطال دخوله في هذا الباب، فقال: لا مدخل له هنا؛ لأن التسوك في صلاة الليل لا يدل على طول الصلاة. قال: ويمكن أن يكون ذلك من غلط الناسخ، فكتبه في غير موضعه، أو أن البخاريّ أعجلته المنية قبل تهذيب كتابه، فإن فيه مواضع مثل هذا تدل على ذلك. وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون أشار إلى أن استعمال السواك يدل على ما يناسبه، من إكمال الهيئة والتأهب، وهو دليل طول القيام إذ التخفيف لا يتهيأ له هذا التهيؤ الكامل، وقال ابن رشيد: الذي عندي أن البخاري إنما أدخله لقوله: "إذا قام للتهجد"، أي إذا قام لعادته، وقد تبينت عادته في الحديث الآخر. ولفظ التهجد مع ذلك، مشعر بالسهر. ولا شك أن في التسوك عونًا على دفع النوم، فهو مشعر بالاستعداد للإطالة، وهذا أحسن التوجيهات.
وقال البدر بن جُماعة: يظهر لي أن البخاريّ أراد بهذا الحديث استحضار حديث حذيفة الذي أخرجه مسلم، ولم يخرجه هو، لكونه على غير شرطه؛ فإما أن يكون أشار إلى أن الليلة واحدة، أو نبه بأحد حديثي حذيفة على الآخر. والذي أخرجه مسلم هو أنه صلّى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة، فقرأ البقرة وآل عمران والنساء في ركعة، "وكان إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبح، أو سؤال سأل، أو تعوُذ تَعوَّذ، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم قام نحوًا مما ركع، ثم سجد نحوًا مما قام، وهذا إنما يتأتى في نحو ساعتين"، فلعله عليه الصلاة والسلام أحيا تلك الليلة كلها وأما ما يقتضيه حاله في غير هذه الليلة، فإن في أخبار عائشة أنه كان يقوم قدر ثلث الليل، وفيها أنه كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، فيقتضي ذلك تطويل الصلاة. وقيل: يحتمل أن يكون بيَّض الترجمة لحديث حذيفة، فضم الكاتب الحديث إلى الحديث الذي قبله، وحذف البياض. ولم يرتضِ العينيّ هذه الأجوبة كلها، وأجاب بجواب جاعلًا له من نفسه، وهو مأخوذ من جواب ابن رشيد المتقدم.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرّ حفص بن عمر في الثالث والثلاثين من الوضوء ومرّ خالد بن عبد الله الطَّحان في السادس والخمسين منه، ومرّ حَصِين بن عبد الرحمن في الثالث والسبعين من مواقيت الصلاة، ومرّ