بعد الاستواء في القيام، وقال في "الفتح" انتصارًا لمذهبه ويمكن الجمع بينهما بأن التشبيه واقع على صفة التكبير لا على محله، ويكون معنى قوله: إذا قام أي: أراد القيام أو شرع فيه، وهذا الجمع يبطله قوله كما كبّر عند افتتاح الصلاة.
وقوله:"وإذا جلس في الركعة الأخيرة" في رواية عبد الحميد حتى إذا كانت السجدة التي يكون فيها التسليم. وفي رواية عند ابن حِبّان التي تكون خاتمة الصلاة أخرج رجله اليسرى، وقعد متوركًا على شقه الأيسر زاد ابن إسحاق في روايته، ثم سلّم وفي رواية عيسى عند الطحاوي فلما سلَّم سلَّم عن يمينه سلام عليكم ورحمة الله، وعن شماله كذلك. وفي رواية عبد الحميد عند أبي داود وغيره. قالوا: أي الصحابة المذكورون: "صدقت، هكذا كان يصلي".
وقد مرّ في الحديث الذي قبله أن الشافعية استدلت بهذا الحديث على ما ذهبت إليه فيما مرّ من المغايرة بين هيئة الجلوس في التشهد الأول والأخير، واستدلوا به على أن تشهد الصبح كالتشهد الأخير من غيره لعموم قوله في الركعة الآخرة خلافًا لأحمد فيما مرّ عنه من اختصاص التورك بالصلاة التي فيها تشهدان. قلت: وهذا الحديث هو أقوى دليل تتمسك به المالكية للإِرسال؛ لأنه بجميع طرقه لم يترك شيئًا من مستحبات الصلاة ولا سننها ولم يذكر في طريق من الطرق المروية عنه القبض، وذكر فيه ما هو صريح في الإرسال من قوله في رواية أبي داود: إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبّر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلًا. وفي رواية عبد الحميد السابقة: ثم يمكث قائمًا حتى يقع كل عظم موقعه، ثم يقرأ فغير خافٍ على عامي فضلًا عن عالم أن معنى يقع ويقر في الروايتين يثبت ويستقر في محله، ولا شك أن محل اليدين من الإِنسان جنباه، وذلك هو الإرسال بعينه لا ينازع في ذلك إلا مجنون أو مكابر في المحسوس، وقد استوفينا تقرير هذا في رسالتنا إبرام النقض. وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم جواز وصف الرجل نفسه بكونه أعلم من غيره إذا أمن الإعجاب وأراد تأكيد ذلك عند مَنْ سمعه لما في التعليم والأخذ عن الأعلم من الفضل، وفيه أنّ كان تستعمل فيما مضى وفيما يأتي لقول أبي حميد:"كنت أحفظكم" وأراد استمراره على ذلك. قاله ابن التين وفيه أنه كان يخفى على الكثير من الصحابة بعض الأحكام المتلقاة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وربما تذكره بعضهم إذا ذكر.
[رجاله تسعة]
وفيه لفظ نفر مرّت منهم ستة: مرّ يحيى بن بكير والليث في الثالث من بدء الوحي، ومرّ خالد بن يزيد وسعيد بن أبي هلال في الثاني من الوضوء، ومرّ يزيد بن أبي حبيب في الخامس من الإِيمان, ومرّ أبو حميد في تعليق في أول أبواب استقبال القبلة قبل ذكر حديث منه والثلاثة الباقية:
الأول منها: يزيد بن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي البصري مدني الأصل نزيل مصر، ذكره ابن حِبّان في الثقات وقال الدارقطني: ثقة، روى عن