لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والعنعنة، وفيه بُرْيد وجده أبو بُرْدة عن أبيه، وهذه نُكتة لطيفة. ورواته كلهم كوفيون. أخرجه البخاريّ هنا فقط، ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وغيره، والنسائي في العلم عن القاسم بن زكرياء، ثم قال البخاريّ: قال أبو عبد الله: قال إسحاق: وكان منها طائفة قيّلت الماء قاع يعلوه الماء، والصفصف المستوي من الأرض.
وهذا اللفظ ظاهره التعليق، ولكنه يمكن أن يكون متصلًا؛ لأن إسحاق شيخ البخاريّ، وقد مر الكلام على "قال وقال لي" فالثانية متصلة اتفاقًا. قوله: قيَّلت، بتشديد الياء التحتانية، أي أن إسحاق، وهو ابن راهوَيه، كما يأتي، حيث روى الحديث عن أبي أسامة قال:"قيّلت الماء" فخالف في هذا الحرف.
قال الأصيليّ: هو تصحيف من إسحاق. وقال غيره: بل هو صواب، ومعناه شربت، والقَيْل شرب نصف النهار. يقال قيّلت الإبل، أي: شربت في القائلة. وتعقَّبه القُرْطبُيّ بأن المقصود لا يختص بشرب القائلة. وأجيب بأن كون هذا أصله لا يمنع استعماله على الإطلاق تجوزًا. وقال ابن دُريد: قَيْلُ الماء في المكان المنخفض إذا اجتمع فيه. وتعقبه القرطبيُّ أيضًا، بأنه يفسد التمثيل لأن اجتماع الماء إنما هو مثال الطائفة الثانية، والكلام هنا إنما هو في الأولى التي شربت وأنبتت. قال: والأظهر أنه تصحيف.
وقوله:"قاع يعلوه الماء" إلخ: هذا ثابت عند المستملي، وأراد به أن "قِيعان" المذكورة في الحديث جمع قاع، وأنها الأرض التي يعلوها الماء، ولا يستقر فيها، وإنما ذكر الصفصف معه جريًا على عادته في الاعتناء بتفسير ما يقع في الحديث من الألفاظ الواقعة في القرآن، وقد يستطرد. ووقع في رواية كريمة "وقال ابن إسحاق" ورجّحها العراقي. ووقع في نسخة الصَّغانيّ وقال إسحاق عن أبي أسامة" وهذا يرجح الأول. وفي هذا التعليق ذكر رجلين، أما أبو عبد الله، فالمراد به البخاري وهو أشهر من أن