للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعزاه للفتح، ولم أره فيه في محل من محال الحديث الذي ذكره فيه، وبنى القسطلاني على ما عزاه للفتح قوله: لكن لا أعلم هل خرج عبد الله بن جعفر من المدينة إلى مكة، بعد أن دخلها مع أبيه من الحبشة، حتى استقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قدومه مكة في الفتح، فلينظر ذلك، قلت: لم نجد في كتاب ما يدل على أنه خرج من المدينة إلى مكة، وعند الطبراني عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام كان حينئذ راكبًا على ناقته، وأخرج مسلم عن سلمة بن الأكوع: لقد قلت بنبيِّ الله -صلى الله عليه وسلم- والحسن والحسين بغلته الشهباء حتى أدخلتهم حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا قدّامه وهذا خلفه، وقول صاحب الفتح: وكون الترجمة لتلقي القادم من الحج، والحديث دال على تلقي القادم للحج ليس بينهما تخالف لاتفاقهما من حيث المعنى، تعقبه العيني فقال: لا نسلم كون الترجمة لتلقي القادم من الحج، بل هي لتلقي القادم للحج، والحديث يطابقه، وقد ظن هذا القائل ذهولًا منه أن الترجمة وضعت لتلقي القادم من الحج وليس كذلك، ولو علم أن لفظ الاستقبال في الترجمة مصدر مضاف إلى مفعوله، والفاعل ذكره مطوي لما احتاج إلى قوله: وكون الترجمة إلى آخره، فالحديث فيه تلقي القادم للحج، وتلك العادة إلى الآن يتلقى المجاورون وأهل مكة القادمين من الركبان، نعم يؤخذ منه بطريق القياس تلقي القادمين من الحج. بل ومَن في معناهم كمن قدم من جهاد أو سفر تأنيسًا وتطييبًا لقلوبهم، وفي المسند وصحيح الحاكم عن عائشة قالت: أقبلنا من مكة في حج أو عمرة، فتلقانا غلمان من الأنصار كانوا يتلقون أهاليهم إذا قدموا، وذكر ابن رجب في الطائفة عن الحكم قال: قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لو يعلم المقيمون ما للحجاج عليهم من الحق، لأتوهم حين يقدمون حتى يقبلوا رواحلهم؛ لأنهم وفد الله في جميع الناس، وما للمنقطع حيلة سوى التعلق بأذيال الواصلين، وفي الحديث جواز ركوب الثلاثة فأكثر على دابة عند الطاقة، وما روى من كراهة ركوب الثلاثة على دابة لا يصح، قال في الفتح: قد يجمع بين مختلف الحديث في ذلك فيحمل ما ورد في الزجر عن ذلك، على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة، كالحمار مثلًا وعكسه على عكسه كالناقة والبغلة، قال النووي: مذهبنا ومذهب العلماء كافّة جواز ركوب ثلاثة على الدابة، إذا كانت مطيقة، وحكى القاضي عياض معه عن بعضهم مطلقًا، وهو فاسد، قال في الفتح: لم يصرح أحد بالجواز مع العجز، ولا بالمنع مع الطاقة، بل المنقول من المطلق في المنع والجواز محمول على المقيد.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا: وفيه حمله عليه الصلاة والسلام واحدًا بين يديه وآخر خلفه. مرَّ معلي بن أسد في الرابع والثلاثين من الحيض، ومرَّ يزيد ابن زريع في السادس والتسعين من الوضوء، ومرَّ خالد الحذاء وعكرمة في السابع عشر من العلم، ومرَّ العباس في الخامس من بدء الوحي، والذي بين يديه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والذي خلفه قثم بن العباس، هكذا قال في الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>