الفرع الثالث: في المكثرين منهم روايةً، وفيمن هو أكثر فتوى منهم، والمكثر من زاد حديثه على ألف، وهم ستة على الصحيح.
وأكثرهم رواية أبو هُريرة، لقوله كما في "الصحيحين": قلت: يا رسول الله! إني أسمع منك حديثًا كثيرًا أنساه، قال:"ابسُطْ رداءَكَ" فبسطته، فغرف بيده؛ ثم قال:"ضُمَّهُ"؛ فضممته، فما نسيت شيئًا بعد ذلك.
وأكثرهم فتوى عبد الله بن عباس، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا له؛ فقال:"اللهُمَّ عَلِّمْهُ الكتابَ" وفي لفظ: "اللهُمَّ فَقِّهْهُ في الدين وعَلِّمْه التأويل" وفي آخر: "اللهُمَّ علمه الحكمة وتأويل الكتاب".
والمكثرون منهم فتوى غير ابن عباس ستة: عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وزيد بن ثابت، وعائشة، رضي الله تعالى عن الجميع.
فقد روى أبو هريرة الذي هو أكثرهم رواية خمسة آلاف حديث وثلاث مئة وأربعة وسبعين حديثًا، ثم يليه ابن عمر، لأنه روى ألفين وست مئة وثلاثين، ثم أنس، لأنه روى ألفين ومئتين وستة وثمانين، ثم عائشة، لأنها روت ألفين ومئتين وعشرًا، ثم ابن عباس، لأنه روى أَلفًا وست مئة وستين، ثم جابر، لأنه روى ألفًا وخمس مئة وأربعين. وزاد العراقي سابعًا، وهو أبو سعيد الخدري، لأنه روى ألفًا ومئة وسبعين وإلى هذا الفرع، أشار العراقي؛ فقال بعد قوله السابق:
في فِتْنَةٍ والمُكْثِرونَ سِتَّهْ ... أنَسٌ ابنُ عُمَرَ الصِّدِّيقَهْ
البحرُ جابِرٌ، أبو هُرَيْرَهْ ... أكْثَرُهُم وَالبَحْرُ في الحَقيقَهْ