للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب استقبال الرجل الرجل وهو يصلي]

في نسخة الصَّغانيّ استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته، أي هل يكره أو لا؟ أو يفرق بين ما إذا ألهاه أو لا؟ الرجل الأول مجرور باستقبال، والثاني مفعول به، ولفظ هو يحتمل عوده إلى الثاني، فيكون الرجلان متواجهين، وإلى الأول فلا يلزم التواجه، ثم قال: وكره عثمان أن يستقبل الرجل، وهو يصلي، يُستقْبَل، بضم الياء مبني للمجهول، والرجل نائب عن الفاعل، ويجوز فتح الياء على صيغة المعلوم. قال في الفتح: لم أر هذا الأثر إلى الآن عن عثمان، وإنما رأيته في مصنَّفيْ عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهما، عن عمر أنه زجر عن ذلك، وفيهما أيضا عن عثمان ما يدل على عدم كراهة ذلك، فليتأمل لاحتمال أن يكون فيما وقع في الأصل تصحيف عن عمر إلى عثمان. وقوله: وهو يصلي، جملة اسمية وقعت حالًا.

ثم قال: وهذا إذا اشتغل به، فأما إذا لم يشتغل به، فقد قال زيد بن ثابت: ما باليت، إن الرجل لا يقطع صلاة الرجل. هذا التفصيل من كلام البخاريّ، جمع به بين ما ظاهره الاختلاف من الأثرين اللذين ذكرهما عن عثمان وزيد بن ثابت، وهو أن استقبال الرجلِ الرجلَ في الصلاة إنما يكره إذا شغل المصلي المُستقْبِل، لأن علة الكراهة هي كف المصلي عن الخشوع، وحضور القلب، وأما إذا لم يشغله فلا بأس به. وقول زيد: ما باليتُ، أي الاستقبال المذكور، يريد أنه لا حرج في ذلك. وقوله: إن الرجل بكسر إن، لأنه استئنافٌ ذكر لعدم تعليل المبالاة، وقد مرَّ عن مالك جواز الاستتار بظهر الرجل. وأن في جنبه قولين، ولا يجوز بوجهه، وأكثر العلماء على كراهة استقباله بوجهه.

وقال نافع: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلًا إلى سارية المسجد قال لي: ولِّ ظهرك. وقال الحسن وقتادة: يستره، إذا كان جالسًا. وعن الحسن "يستره" ولم يشترط الجلوس، ولا تولية الظهر. وقال ابن سيرين: لا يكون الرجل سترة للمصلي. قال ابن بطال: وأجاز الكوفيون والثَّوريّ والأوزاعيّ الصلاة خلف المتحدثين، وكرهه ابن مسعود. وقد مرَّ في الحديث الذي قبله أنه من المرور

<<  <  ج: ص:  >  >>