تقديم البسملة قبل الكتاب كتاب التيمم لكريمة، وتأخيرها عنه لأبي ذرٍّ وقد مرَّ توجيه ذلك في كتاب الإيمان ولغير أبوي ذَرٍّ والوقت، والأُصَيليُّ "باب التيمم"، والتيمم لغةً القصد، قال امرؤ القيس:
تيممتُها من أذْرُعاتِ وأهلها ... بيثربَ أدنى دارُها نَظَرٌ عالي
يقال: تيممت فلانًا ويممته، وتأممته، وأَمَمْتُه، أي قصدته. وفي الشرع القصدُ إلى الصعيد، لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها. وقال ابن السكيت: قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا}[النساء: ٤٣] أي اقصدوا الصعيد، ثم كثر استعمالهم له حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب. فعلى هذا هو مجاز لغوي، وعلى الأول هو حقيقة شرعية.
واختلف فيه هل هو رخصة أو عزيمة. وفصل بعضهم فقال: هو لعدم الماء عزيمة، وللعذر رخصة، وهو من خصائص هذه الأمة. ونزل فرضه سنة خمس أو ست، وأخره البخاري عن الذي قبله لأن المذكور فيه أحكام الوضوء بالماء، والمذكرر هاهنا التيمم، وهو خلف عن الماء، فيذكر الأَصل أولاًّ، ثم يذكر الخلف عقيبه.
ثم قال: قول الله تعالى، بلا واو مع الرفع، مبتدأ خبره ما بعده، فالجملة استئنافية، وللأصيلي وابن عساكر "وقول الله" بواو عطف على كتاب التيمم، أو باب التيمم. أي: وفي بيان قول الله تعالى، ولأبوي ذرٍّ والوقت "عز وجل" بدل "قوله تعالى" ثم قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة: ٦] كذا في رواية الأكتر، وللنَّسَفِيّ وعَبْدوس والحمويّ