قوله "عن أبي الزناد" كذا رواه أصحاب مالك في "الموطأ"، ولهم فيه إسناد آخر إلى أبي هريرة وفيه قصة له مع عبد الله بن سلام.
وقوله "فيه ساعة" كذا فيه مبهمة وعينت في أحاديث أخر كما سيأتي. وقوله "لا يوافقها" أي: يصادفها، وهو أعم من أن يقصد لها أو يتفق له وقوع الدعاء فيها. وقوله "وهو قائم يصلي يسأل الله" هي صفات لمسلم أعربت حالًا، ويحتمل أن يكون يصلي حالًا منه لاتصافه بقائم. ويسأل حال مترادفة أو متداخلة، وأفاد ابن عبد البر أن قوله "وهو قائم" سقط من رواية أبي مصعب وابن أبي أويس ومطرف والتنيسي وقتيبة وأثبتها الباقون. قال: وهي زيادة محفوظة عن أبي الزناد من رواية مالك وورقاء وغيرهما عنه.
وحكى أبو محمد بن السيد عن محمد بن وضاح أنه كان يأمر بحذفها من الحديث، وكان السبب في ذلك أنه يشكل على أصح الأحاديث الواردة في تعيين هذه الساعة وهما حديثان:
أحدهما: حديث مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه مرفوعًا "أنها ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن يقضي الصلاة" رواه مسلم وأبو داود.
والثاني: قول عبد الله بن سلام المروي عند مالك وأبي داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبّان من حديث أبي هريرة أنه قال لعبد الله بن سلام: أخبرني ولا تضنَّ عليّ فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة في يوم الجمعة. قال أبو هريرة: فقلت: كيف تكون آخرَ ساعةٍ في يوم الجمُعة وقد قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لا يصادفها عبدٌ مسلمٌ وهو يصلي فيها؟ فقال عبدُ الله بن سلامٍ ألمْ يقلْ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ جَلَس مجلسًا ينتظرُ الصلاةَ فهو في صلاة حتى يصلي، فلو كان قوله وهو قائم ثابتًا عند أبي هريرة لاحتج عليه به، لكنه سلم له الجواب وارتضاه وصار يفتي به بعده. وأما إشكاله على الحديث الأول فمن جهة أنه يتناول حال الخطبة كله وليست صلاة عل الحقيقة وقد أجيب عن هذا الإشكال يحمل الصلاة على الدعاء أو الانتظار وبحمل القيام على الملازمة والمواظبة، ويؤيد