قوله: أن مُرِي غلامَك، أنْ مفسرة، بمنزلة أي، كهي في قوله تعالى:{أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} وقوله: يعملْ لي، بالجزم، جواب الأمر. وقوله: أعوادًا، أي منبرًا مركبًا منها. وقوله: أجلس عليهن، أي الأعواد، وأجلسُ بالرفع, لأن الجملة صفة الأعواد، ولم يزل المنبر على حالته التي صنع عليها ثلاث درجات، حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله، وكان سبب ذلك ما رواه الزبير بن بكار في أخبار المدينة بسنده إلى حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال: بعث معاوية إلى مروان، وهو عامله على المدينة، أن يحمل إليه المنبر، فأمر به فقلع، فأظلمت المدينة، فخرج مروان فخطب، وقال: إنما أمرني أمير المؤمنين أن أرفعه، فدعا نجارًا فزاد فيه الزيادة التي هي عليها اليوم.
ورواه من وجه آخر قال: فكسفت الشمس حتى رأينا النجوم. وقال: فزاد فيه ست درجات، وقال: إنما زدت حين كَثُرت الناس. قال ابن النجار وغيره: استمر على ذلك إلا ما أُصلح منه، إلى أن احترق مسجد المدينة سنة أربع وخمسين وست مئة فاحترق ثم جدد المظفر صاحب اليمن، سنة ست وخمسين، منبرًا، ثم أرسل الظاهر بيبرس بعد عشر سنين، أو عشرين سنة، منبرًا، فأزيل منبر المظفر، فلم يزل ذلك إلى هذا العصر، فأرسل الملك المؤيد سنة عشرين وثمان مئة منبرًا جديدًا. وكان أرسل في سنة ثماني عشرة منبرًا جديدًا إلى مكة أيضًا، شكر الله له صالح عمله آمين.