وغيرهما ممن لازم ابن عيينة أكثر من الجارود فيكون أولى لكن الذي يحتاج إليه الحكم بصحة المتن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا علينا كونه من خصوص طريق بعينها، وهنا أمور تدل عليه منها أن مثله لا مجال للرأي فيه فوجب كونه سماعًا، وكذا إن قلنا: العبرة في تعارض الوصل والوقف والإرسال للواصل بعد كونه ثقة لا الأحفظ ولا غيره مع أنه قد صح تصحيح ابن عيينة له كما مرَّ، وروى الدارقطني والبيهقي مرفوعًا:"آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم" وقد شربه جماعة من السلف والخلف لمآرب فنالوها، وأولى ما يشرب لتحقق التوحيد والموت عليه والعزة بطاعة الله.
قوله: "وقال عبدان: سيأتي في أحاديث الأنبياء أتم منه بلفظ، وقال لي عبدان: وأورده هنا مختصرًا وقد وصله الجوزقي بتمامه عن محمد بن الليث، عن عبدان بطوله، وقد تقدم الكلام عليه في أوائل الصلاة في باب كيف فرضت الصلاة في حديث الإسراء، والمقصود منه قوله هنا: ثم غسله بماء زمزم.
رجاله ستة قد مرّوا: مرَّ عبدان وعبد الله بن المبارك في السادس من بدء الوحي، ومرَّ ابن شهاب في الثالث منه، ومرَّ يونس في متابعة بعد الرابع منه، ومرَّ أنس في السادس من الإيمان، ومرَّ أبو ذر في الثالث والعشرين منه.
[الحديث التاسع عشر والمائة]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ، قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ. ثم قَالَ عَاصِمٌ: فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ، مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ عَلَى بَعِيرٍ.
قال ابن بطال وغيره: أراد البخاري أن الشرب من ماء زمزم من سنن الحج، وقد مرَّ عن