قوله:"إذا قال الإِمام إلخ" استدل به على أن الإِمام لا يقول ربنا لك الحمد وعلى أن المأموم لا يقول سمع الله لمن حمده لكون ذلك لم يذكر في هذه الرواية وهو قول مالك وأبي حنيفة قال في "الفتح": وفيه نظر؛ لأنه ليس فيه ما يدل على النفي بل فيه أن قول المأموم ربنا لك الحمد يقع عقب قول الإِمام سمع الله لمن حمده والواقع في التصوير ذلك؛ لأن الإِمام يقول التسميع في حال انتقاله والمأموم يقول التحميد في حال اعتداله فقوله:"يقع عقب قول الإِمام" كما في الخبر وهذا الموضع يقرب من مسألة التأمين كما تقدم من أنه لا يلزم من قوله: إذا قال ولا الضالين فقولوا آمين إن الإِمام لا يؤمن بعد قوله ولا الضالين وليس فيه أن الإمام يؤمن كما أنه ليس في هذا أنه يقول ربنا لك الحمد لكنهما مستفادان من أدلة أخرى صحيحة صريحة كما مرّ في التأمين وكما مضى في الباب الذي قبله وفي غيره يأتي أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يجمع بين التسميع والتحميد منه.
قلت: قوله: ليس فيه ما يدل على النفي إلخ غير مسلم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قسم التسميع والتحميد فجعل التسميع للإمام والتحميد للمأموم والقسمة تنافي الشركة وما قيل في هذا يجاب به عمّا قال في التأمين.
وقوله: إن قول المأموم يقع عقب قول الإمام مخالف لما مرّ عنه في باب جهر الإِمام بالتأمين من أنهما متقارنان على الراجح والحديث الذي ذكر أنه يأتي وأن فيه جمع الإِمام لهما هو حديث أبي هريرة الآتي في باب يهوي بالتكبير حين يسجد ففيه أنه عليه الصلاة والسلام يقول: سمع الله لمن حمده ثم يقول: ربنا لك الحمد وهذا يجاب عنه بأنه كان قنوتًا وقد فعله ثم تركه؛ لأن فيه اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن ربيعة والمستضعفين من المؤمنين ويجاب عن حديثه الآخر الذي ليس فيه قنوت الواقع فيه الجمع بينهما بأنه ليس فيه تصريح بأنه -صلى الله عليه وسلم- كان إمامًا فيحتمل أن يكون كان منفردًا وعلى ذلك حمله أبو حنيفة وغيره وقد مرّ كثير من مباحث هذا المنزع في باب إنما جعل الإِمام ليؤتم به.