للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم-، فمسح على ناصيتي وقال:"اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب". وقد رواه أحمد عن هُشيم بلفظ "مسح على رأسي".

وقد بين المصنف في الطهارة سبب هذا الدعاء عن ابن عباس قال: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم-، الخلاء فوضعتُ له وضوءًا -زاد مسلم: فلما خرج قال: من وضع هذا؟ فأخبر. ولمسلم قالوا: ابن عباس، ولأحمد وابن حبان أن ميمونة هي التي أخبرته بذلك، وإن ذلك كان في بيتها ليلًا، ولعل ذلك كان في الليلة التي بات فيها ابن عباس عندها, ليرى صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما سيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى.

وأخرج أحمد عن ابن عباس في قيامه خلف النبي -صلى الله عليه وسلم-، في صلاة الليل، وفيه فقال لي: ما بالك أجعلك حذائي فتخلفني؟ فقلت: أينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله؟ فدعا لي أن يزيدني الله فهمًا وعلمًا. وهذه الدعوة مما تحقق فيها إجابة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لما علم من حال ابن عباس في معرفة التفسير والفقه في الدين، رضي الله تعالى عنه، حتى صار يلقب بترجمان القرآن، وبالبحر، وبالحَبر، كما مر في ترجمته. أما الكتاب، فالمراد به القرآن قطعًا؛ لأن العُرْف الشرَّعيّ عليه، والمراد بالتعلم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه. وأما الحكمة، فقد اختلف العلماء في المراد بها هنا، فقيل: القرآن، جمعًا بين الروايتين، فيكون بعضهم رواه بالمعنى. وقيل: العمل به، وقيل: السنه كما مر، وقيل: الإصابة في القول. وقيل: الخشية، وقيل: اللهم عن الله، وقيل: العقل، وقيل: ما يشهد العقل بصحته، وقيل: نور يفرق بين الإلهام والوَسواس، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة. وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: ١٢] والأقرب أن المراد بها في حديث ابن عباس الفهم في القرآن.

رجاله خمسة:

<<  <  ج: ص:  >  >>