قال في "الفتح": لم يفرد المصنف هذه الترجمة فيما وقفت عليه من الأصول. ثم قال:
[باب التطوع بعد المكتوبة]
ترجم أولًا بما بعد المكتوبة، ثم ترجم بعد ذلك بما قبل المكتوبة، وكان الموضع الطبيعي يقتضي تقديم ما قبل المكتوبة. قلت: الظاهر أنه فعل ذلك نظرًا إلى شدة احتياج الاهتمام في أداء التطوعات بعد الفرائض، ولعله فعل ذلك لما يأتي عنه قريبًا من أنه موجود من لم يتطوع بعد المكتوبة، فأوجب ذلك الاهتمام والحكمة في مشروعية التطوع بعد الفريضة تكميل الفرائض إن فرض فيها نقص. والتطوع عند الشافعية ما رجح الشرع فعله على تركه، وجاز تركه، فالتطوع والمستحب والمندوب والنافلة والمرغب فيه ألفاظٌ مترادفة. وعند المالكية الفضيلةُ والمستحبُّ والمندوب مترادفةٌ، والتطوع هو ما ينشئه الإنسان لنفسه من الأوراد، والنافلة لُغةً، الزيادة، واصطلاحًا مرادفة للنَّدْب. وقال بعضهم: هي ما أعلم عليه الصلاة والسلام بأن فيه ثوابًا، ولم يأمر به، ولم يرغب فيه الترغيب الحاصل في الرغيبة الحاصل في ما لم يداوم على فعله، والرغيبة ما رغَّب فيه الشارع بأن ذكر ما فيه من الأجر، كقوله: مَنْ فعل كذا فله كذا، أو داوم على فعله ولم يظهره في جماعة. والسنة ما واظب عليه، عليه الصلاة والسلام، وأظهره في جماعة ولم يقم دليل على وجوبه.
قوله:"مع النبي -صلى الله عليه وسلم- سجدتين" أي: ركعتين، والمراد بقوله: مع التبيعة أي: أنهما اشتركا في كون كل منهما صلاهما لا التجميع، فلا حجة فيه لمن قال: يجمع في رواتب الفرض، وسيأتي بعد أربعة أبواب عن ابن عمر أنه قال: حفظت من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات، وقد مرّ الكلام على هذا الحديث في آخر الباب الذي قبله. وقوله:"وحدثتني أختي حفصة" أي: بنت عمر، وقائل ذلك هو