للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب صدقة الكسب والتجارة]

لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} إلى قوله: {أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

هكذا أورد هذه الترجمة مقتصرًا على الآية بغير حديث، وكأنّه أشار إلى ما أخرجه الطبريّ وابن أبي حاتم عن مُجاهد في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة الحلال، وقال عبيدة بن عمرو عن علي، في قوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال: يعني من الحب والتمر كل شيء عليه زكاة. قال الزين بن المنير: لم يقيد الكسب في الترجمة بالطيب، كما في الآية استغناء عن ذلك بما تقدم في ترجمة باب الصدقة من كسب طيب.

وقال تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} أي: لا تقصدوا الخبيث منه تنفقون، ولستم بآخذيه: أي: لو أعطيتموه ما أخذتموه إلا أن تتعاموا فيه، والله أغنى منكم عنه، فلا تجعلوا لله ما تكرهون. وروى أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قسّم بينكم أخلاقكم كما قسّم بينكم أرزاقكم، وإنّ الله يعطي الدنيا مَنْ يحبُّ ومَنْ لا يُحب، ولا يعطي الدين إلا مَنْ أحب، فمَنْ أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمَنَ جارُه بوائِقَه، قالوا: وما بوائقه؟ قال: غَشْمته وظلمته، ولا يكسب عبد مالًا من حرام، فينفق منه، فيبارك له فيه، ولا يتصدق به، فيقبل، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيء بالسيء ولكن يمحو السيء بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث".

وروى السدي عن البراء: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} يقول: لو كان لرجل على رجل دَين فأعطاه ذلك لم يأخذه إلا أن يرى أنه قد نقصه من حقه، رواه ابن جرير. وقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} أي: وإنْ أَمركم بالصدقات وبالطيب منها، فهو غنيٌّ عنها، حميد في جميع أقواله وأفعاله، وشرعه، وقدره، لا إله إلا هو، ولا رب سواه.

ثم قال المصنف:

<<  <  ج: ص:  >  >>