قوله: يصلي في نعليه، قال ابن بطال: هو محمول على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة، ثم هي من الرخص، كما قال ابن دقيق العيد، لا من المستحبات؛ لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة، وهو وإن كان من ملابس الزينة، إلَّا أن ملامسته الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة، وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين ومراعاة إزالة النجاسة، قدمت الثانية؛ لأنها من باب دفع المفاسد، والأُخرى من باب جلب المصالح، إلا أن يرِد دليل بإلحاقه بما يتحمل به، فرجع إليه ويترك هذا النظر، وقد أخرج أبو داود والحاكم عن شداد بن أوس مرفوعًا:"خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم"، فيكون استحباب ذلك من جهة قصد المخالفة المذكورة. وورد في كون الصلاة في النعال من الزينة المأمور بأخذها في الآية حديث ضعيف، قد أورده ابن عدي في "الكامل"، وابن مردويه في "تفسيره" عن أبي هريرة، والعقيلي عن أنس.
واختلف فيما إذا كان فيهما نجاسة، فعند مالك: إن كانت من أرواث الدواب وأبوالها، اكتُفِي فيها بالحكِّ الذي يبقى بعده ما يخرجه الغسل، رطبةً كانت أو يابسة، حملًا للأذى فيما أخرجه أبو داود من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا وطىء أحدكم بنعله الأذى، فإن التراب له طهور" على ما إذا كان من أرواث الدواب وأبوالها؛ لأنه هو الغالب في الطرق، الشاق الاحتراز منه، وأما ما كان من غير