وهذا الحديث يأتي بتمامه في صلاة الكسوف، وتقدم طرف منه في كتاب الإيمان في باب "كفران العشير". ومرَّ استيفاء الكلام عليه هناك. ونازعه الإسماعيليّ في الترجمة فقال: ليس ما أُري نبيه من النار بمنزلة نار معبودة لقوم يتوجه المصلي إليها. وقال ابن التين: لا حجة فيه على الترجمة, لأنه لم يفعل ذلك مختارًا، وإنما عرض عليه ذلك للمعنى الذي أراده الله من تنبيه العباد. وتُعُقب بأنّ الاختيار وعدمه في ذلك سواء منه, لأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يقر على باطل، فدل على أن مثله جائز، وتفرقة الإسماعيليّ بين القصد وعدمه، وإن كانت ظاهرة، لكن الجامع بين الترجمة والحديث وجود نار بين المصلي وبين قبلته في الجملة.
قلت: ولو لم يكن ذلك جائزًا ما وضعها الله تعالى في قبلة نبيه عليه الصلاة والسلام. قال في الفتح: وأحسن من هذا عندي أن يقال: لم يفصح المصنف في الترجمة بكراهة ولا غيرها، فيحتمل أن يكون مراده التفرقة بين من بقي ذلك بينه وبين قبلته، وهو قادر على إزالته أو انحرافه عنه، وبين من لا يقدر على ذلك، فلا يكره في حق الأول، كما سيأتي التصريح بذلك عن ابن عباس في التماثيل قريبًا، بعد بابين، وكما مرَّ عن ابن سيرين.
ونازعه أيضًا السروجيّ في "شرح الهداية" فقال: لا دلالة في الحديث على عدم الكراهة, لأنه عليه الصلاة والسلام قال: أُريت النار، ولا يلزم أن تكون