للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب البكاء عند المريض]

سقط لفظ "باب" من رواية أبي ذر، قال الزين بن المنير: ذكر المريض أعم من أن يكون أشْرَفَ على الموت، أو هو في مبادىء المرض، لكن البكاء عادة إنما يقع عند ظهور العلامات المخوفة، كما في قصة سعد بن عُبادة في حديث هذا الباب.

[الحديث الثالث والستون]

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم - فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ فَقَالَ قَدْ قَضَى. قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَبَكَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بَكَوْا فَقَالَ أَلاَ تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ أَوْ يَرْحَمُ وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَضْرِبُ فِيهِ بِالْعَصَا، وَيَرْمِي بِالْحِجَارَةِ وَيَحْثِي بِالتُّرَابِ.

قوله: عن سعيد بن الحارث، وقع في رواية مسلم عن سعيد بن الحارث بن المعلّى، فكأنه نسب أباه إلى جده. وقوله: اشتكى، أي ضَعُف، وقوله: شكوى، بغير تنوين، وقوله: فلما دخل عليه، زاد مسلم عن عمارة بن غُزَيَّة "فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الذين معه". وقوله: في غاشية أهله، بمعجمتين، أي: الذين يغشونه للخدمة وغيرها، وسقط لفظ "أهله" من أكثر الروايات، وعليه شرح الخطابيّ، فيجوز أن يكون المراد بالغاشية الغَشْية من الكرب، ويؤيده ما في رواية مسلم "في غَشْيَته".

وقال النّوربشْتيّ: الغاشية هي الداهية من شر أو من مرض أو من مكروه، والمراد ما يتغشاه من كرب الوجع الذي هو فيه، لا الموت, لأنه أفاق من تلك المرضة، وعاش بعدها زمانًا. وقوله: فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>