للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابق الروم، وبلال سابق الحبشة، وسلمان سابق فارس" وروي عن مجاهد "أول من أظهر إسلامه سبعة" فذكره، وروى ابن سعد قال: كان عمار بن ياسر يعذَّب حتى لا يدري ما يقول، وكذا صهيب وأبو قائد وعامر بن فُهَيرة وقوم، فأنزل الله فيهم {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحب صهيبًا حب الوالدة لولدها".

وأخرج البَغَويّ وابن عبد البَرّ بسنده عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجت مع عمر حتى دخل على صهيبٍ حائطًا له بالعالية، فلما رآه صُهيب قال: يا ناس، يا ناس، قال عمر: ما له، لا أبا له، يدعو الناس؟ فقلت: إنما يدعو غلامًا له يدعى نَخِيس، فقال له: يا صهيب، ما فيك شيء أعيبه، إلاَّ ثلاث خِصال، لولاهنّ ما قَدَّمت عليك أحدًا، أراك تنسب عربيًا ولسانك عجميّ، وتتكنى بأبي يحيى اسم نبي، وتبذل مالك. قال: أما تبذيري مالي فما انفقه إلا في حق، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "خياركم من أطعم الطعام وبذل السلام" وأما اكتنائي بأبي يحيى، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنّاني بذلك، أفأتركها لك؟ وأما انتمائي إلى العرب فإنّ الروم سبتني صغيرًا فأخذتُ لسانهم، وأنا رجل من النمر بن قاسط، لو انغلقت عني رَوْثة لانتسبت إليها.

وأخرج ابن عبد البَرّ أن أبا سفيان مرَّ على صُهيب وبلال وسلمان فقالوا: ما أخذت السيوف من عنق عدو الله مأخذها، فقال لهم أبو بكر: تقولون هذا لشيخ قريش وسيدها؟ ثم أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بالذي قالوا، فقال: "يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، فوالذي نفسي بيده لَئِن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك فرجع إليهم وقال: يا إخواني، لعلي أغضبتكم، قالوا: لا أبا بكر، يغفر الله لك.

قال ابن عبد البرّ: كان صُهيب مع فضله وورعه حسن الخُلُق، مداعبًا، روينا عنه قال: جئتُ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو نازل بقُباء، وبين أيديهم رُطَب وتمر، وأنا أرمد، فأكلتُ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتأكل التمر على عينك؟ فقلت: يا رسول الله، آكل في شق عيني الصحيحة, فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه".

وروى البخاريّ في تاريخه أن عمر أوصى أن يصلي عليه صُهيب، وأن يصلي بالناس إلى أن يجتمع المسلمون على إمام، له أحاديث، انفرد له البخاريُّ بحديث، ومسلم بثلاثة، روى عنه أولاده حبيب وحمزة وسعد، وصالح بن عمر وجابر، مات في شوال سنة ثمان وثلاثين، وقيل سنة تسع، بالمدينة، وصلى عليه سعد، ودفن بالبقيع.

والحديث أخرجه مسلم والنَّسائيّ في الجنائز.

[الحديث الثامن والأربعون]

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>