الشهداء، والذي يظهر أن المذكورين ليسوا في المرتبة سواء، ويدل عليه ما رواه أحمد وابن حبَّان في صحيحه عن جابر والدارِمِي وأحمد والطَّحاويّ، عن عبد الله بن حَبَشيّ، وابن ماجَه عن عَمرو بن عَنْبَسَة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "سئل أي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده، وأُهريق دمه". وفي كتاب المعرفة، للحسن بن عَلِيّ الحَلْوانيّ بإسناد حسن عن علي بن أبي طالب، قال: كل مَوْتة يموتها المسلم فهو شهيد، غير أن الشهادة تتفاضل.
وتَحصَّلَ مما ذكر في هذه الأحاديث أن الشهداء قسمان: شهيد الدنيا والآخرة، وهو من يقتل في حرب الكفار مقبلًا غير مدبر، مخلصًا، وشهيد الآخرة، وهو من ذكر بمعنى أنهم يعطون من جنس أجر الشهداء، ولا تجري عليهم أحكامهم في الدنيا. وفي حديث العِربَاض بن سارِية عند أحمد والنّسائيّ مرفوعًا "يختصم الشهداء والمتوفون على الفرش في الذين يتوفون من الطاعون، فيقول: انظروا إلى جراحهم فإن أشبهت جراح المقتولين فإنهم معهم ومنهم، فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم" وإذا تقرر ذلك يكون إطلاق الشهداء على غير المقتول في سبيل الله في حديث "الشهداء خمسة" مجازًا، فيحتج به من يجيز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، والمانع يجيب بأنه من عموم المجاز، فقد يطلق الشَّهيد على من قُتِل في حرب الكُفار، لكن لا يكون له ذلك في حكم الآخرة، لعارض يمنعه كالانهزام أو فساد النية.
[رجاله خمسة]
الأول: قُتَيْبة، وقد مرَّ في الحادي والعشرين من الإيمان، ومرَّ مالك في الثاني من الوحي، ومرَّ سُمَيّ مولى أبي بَكْر في الثاني عشر من المواقيت، ومرَّ أبو صالح وأبو هُرَيرة في الثاني من الإِيمان.
فيه التحديث بصيغة الإفراد في موضع واحد، والعنعنة في أربعة، ورواته مدنيون ما خلا قتيبة، فإنه بلخيّ. أخرجه البُخَاريّ هنا وفي الشهادة، ومسلم في