قد مرّوا، مرّ أبو اليمان وشعيب في السابع من بدء الوحي، ومرّ الزهري في الثالث منه، ومرّ أبو سلمة في الرابع منه، ومرّ أبو بكر بن عبد الرحمن في الستين من أبواب صفة الصلاة هذه، ومرّ أبو هريرة في الثاني من الإيمان. وفي الحديث ذكر الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة وها أنا أذكر تعريفهم إن شاء الله تعالى.
الأول: الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي أخو خالد بن الوليد أُسر يوم بدر كافرًا قيل أسره عبد الله بن جحش وقيل أسره سليط بن قيس المازني الأنصاري قدم في فدائه خالد وهشام وكان هشام شقيقه أُمهما آمنة أو عاتكة بنت حرملة وتمنع عبد الله بن جحش حتى افتكاه بأربعة آلاف درهم وجعل خالد يريد أن لا يبلغ ذلك فقال له هشام: إنه ليس بابن أُمك والله لو أني فيه إلا كذا وكذا لفعلت ويقال إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن جحش لا تقبل في فدائه إلا سكة أبيه الوليد وكانت السكة درعى فضفاضة وسيفًا وبيضة فأبى ذلك خالد وطاع هشام لأنه شقيقه فقومت السكة بمائة دينار فطاعا بها وسلماها إلى عبد الله بن جحش فلما افتدى أسلم وعاتبوه في ذلك وقيل له: هلاّ أسلمت قبل أن تفتدى وأنت مع المسلمين فقال: كرهت أن تظنوا بي أني جزعت من الأسر ولما أسلم حبسه أخواله فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو له في القنوت كما ثبت في الصحيح ثم أفلت من إسارهم ولحق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وشهد عمرة القضية ويقال إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما اعتمر خرج خالد من مكة حتى لا يرى المسلمين دخلوا مكة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للوليد: لو أتانا خالد لاكرمناه وما مثله سقط عليه الإِسلام في عقله فكتب الوليد بذلك إلى خالد فكان سبب هجرته حكاه الواقدي وأخرج الطبراني أن الوليد بن الوليد كان محبوسًا وأراد أن يهاجر فباع مالًا له بالطائف ثم وجد غفلة من القوم فخرج هو وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام مشاة يخافون الطلب فسعوا حتى تعبوا وقصر الوليد فقال:
يا قدمي ألحقاني بالقوم ... ولا تعداني كسلًا بعد اليوم
فلما كان عند الأحراس نكب فقال:
هل أنت إلا اصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
فدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله حسرت وأنا ميت فكفني في فضل ثوبك واجعله مما يلي جلدك ومات فكفنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قميصه ودخل إلى أُم سلمة وبين يديها صبي وهي تقول: ابك الوليد بن الوليد بن المغيرة: فقال: إن كدتم لتتخذن الوليد حنانًا فسماه عبد الله وقيل: إنه لما فر من الأسر مات ببير أبي عتبة قبل أن يدخل المدينة على ميل منها قال ابن عبد البر: والصحيح الأول وذكر الزبير بن بكار أن أُم سلمة لما مات الوليد قالت: