أنه لم ينقل أنه نبّىء في زمن نوح غيره. قلت: ويرده أيضًا لحديث الصحيح المار "أنت أول رسول" إذ لو كان معه رسول لم يكن أول.
ويحتمل أن يكون معنى الخصوصية لنبينا عليه الصلاة والسلام في ذلك بقاء شريعته إلى يوم القيامة، ونوح وغيره بصدد أن يبعث نبي في زمانه أو بعده فينسخ بعض شريعته، ويحتمل أن يكون دعاؤه قومه إلى التوحيد بَلَغَ بقية الناس، فتمادوا على الشرك، فاستحقوا العقاب، وغير ممكن أن تكون نبوته لم تبلغ القريب والبعيد لطول مدته، قال ابن عطية: قلت: ومعناه الإِرسال إلى غير قومه المنفي لقوله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥] ووجهه ابن دقيق العيد بأن توحيد الله تعالى يجوز أن يكون عامًا في حق بعض الأنبياء، وإن كان التزام فروع شريعته ليس عامًا؛ لأن منهم من قاتل غير قومه على الشرك، ولو لم يكن التوحيد لازمًا لهم لم يقاتلهم، وغفل الداودي غفلة عظيمة فقال: قوله "لم يُعْطهن أحد" يعني لم يجمع لأحد قبله؛ لأن نوحًا بعث إلى كافة الناس، وأما الأربع فلم يعط أحد واحدةً منهن، وكأنه نظر في أول الحديث، وغفل. عن آخره؛ لأنه نص -صلى الله عليه وسلم- على خصوصيته بهذه أيضًا، لقوله "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة".
وفي رواية مسلم "وكان كل نبي ... الخ" وظاهر الرواية السابقة عند مسلم "أرسلت إلى الخلق كافة" تؤيد قول من ذهب إلى إرساله عليه الصلاة والسلام إلى الملائكة، كآية الفرقان {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} والصحيح أنه لم يبعث لهم؛ لأنهم نشأوا على التوحيد والعبادة جِبِلَّةً. ومن قال إنه بعث إليهم، قال إنه بعث إليهم ليعلمهم أدب العبودية بحضرة الرب.
[رجاله ستة]
الأول: محمد بن سنان، وقد مرَّ في الأول من كتاب العلم.
والثاني: هُشيم (بالتصغير) بن بَشير، مكبر، ابن القاسم بن دينار السلميّ أبو معاوية بن أبي خازم الواسطيّ. قيل: إنه بخاريّ الأصل، قال يزيد بن