قوله:"ذي غيم"، قيل: خص يوم الغيم بذلك لأنه مظنة التأخير، إما لمتنطع يحتاط لدخول الوقت فيبالغ في التأخير حتى يخرج الوقت، أو لمتشاغل بأمر آخر فيظن بقاء الوقت فيَسْتَرسّ في شغله إلى أن يخرج الوقت. وقوله:"بكِّروا"، أي: عجِّلوا، والتبكير يطلق لكل من بادر بأي شيء كان، في أي وقت كان. وأصله المبادرة بالشيء أول النهار. وقوله:"فإن النبي -صلى الله عليه وسلم-"، الفاء للتعليل، وقد استشكل معرفة تيقن دخول أول الوقت مع وجود الغيم، لأنهم لم يكونوا يعتمدون فيه إلا على الشمس، وأجيب باحتمال أن بريدة قال ذلك عند معرفة دخول الوقت، لأنه لا مانع في يوم الغيم من أن تظهر الشمس أحيانًا، ثم إنه لا يشترط إذا احتجبت الشمس اليقين، بل يكفي الاجتهاد.
قلت: مما تعرف به الأوقات معرفة تامة الأوراد والصنائع، فإن الأوقات تعرف بذلك عند أهل الأوراد والصنائع، كما نصت عليه الكتب، وكما جربناه. وقوله:"من ترك صلاة العصر"، زاد معمر في روايته:"متعمدًا"، وكذا أخرجه أحمد من حديث أبي الدرداء. وقوله:"فقد حَبِط عمله"، سقط "فقد" من رواية المستملي، وفي رواية معمر:"أحبط الله عمله"، وقد استدل بهذا الحديث من يقول بتكفير أهل المعاصي من الخوارج وغيرهم. وقالوا: هو نظير قوله تعالى: {ومَنْ يكفُرْ بالِإيمان فقَدْ حَبِطَ عَمَلُه}. وقال ابن عبد البر: مفهوم