المراد بالدّواب معناه العُرفي، وهو ذوات الحافر من الخيل والبغال والحمير، ويحتمل أن يُراد المعنى اللغوي، وهو اسم لكل ما يدِبُّ على الأرض، وعلى هذا يكون من عطف العام على الخاص، ثم عطف الخاص على العام، والأول أوجه، ولهذا ساق أثر أبي موسى في صلاته في دار البريد، لأنها مأوى الدواب التي تُركب، وحديث العُرَنيّين، ليُستدل به على طهارة أبوال الإِبل، وحديث مرابض الغنم، ليُستدل به على ذلك، والمرابض جمع مِرْبَض بكسر أوله وفتح الموحدة بعدها معجمة، وهي للغنم، كَالمعاطِن للإبل، ورُبوض الغنم كبُروك الإبل.
ولم يُفصح المصنف بالحكم كعادته في المختَلَف فيه، لكن ظاهر إيراده حديث العُرَنيين يُشعر باختياره الطهارة، ويدل على ذلك قوله في حديث صاحب القبر المار:"ولم يذكر سوى بول الناس" وإلى ذلك ذهب الشعبي وابن عُلية وداود وغيرهم، إلاَّ أنهم استثنوا بول الآدمي ورَوْثه، وهو يرد على من نقل الإِجماع على نجاسة بول غير المأكول مطلقًا، وقد قدمنا حكمه عند حديث صاحب القبر.
وصَلَّى أبُو مُوسَى في دَارِ البَريدِ والسِّرْقِينُ والبَرِّيّةُ إلى جنْبِه فَقَالَ: هَاهُنا وثَمَّ سَوَاءٌ.
البريد: موضع بالكوفة، كانت الرسل تنزل فيه إذا حضرت من الخلفاء إلى الأمراء، وكان أبو موسى أميرًا على الكوفة في زمن عمر وعثمان، وكانت الدار في طرف البلد، ولهذا كانت البرية إلى جنبها.
وقال المطرِّزي: البريد في الأصل الدابة المرتبة في الرباط، ثم سُمي به الرسول المحمول عليها، ثم سميت به المسافة المشهورة اثني عشر ميلًا، وكان لعُمر رجل بريد اسمه هَمْدان، روى عنه.
والسِّرْقين -بكسر السين وإسكان الراء- هو الزِّبل، وحُكي فتح أوله، وهو