للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث السادس والعشرون]

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَمْرَةَ عَنِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إِلَى الْجُمُعَةِ رَاحُوا فِي هَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ.

قوله: "كان الناس مهنة" بنون وفتحات جمع ماهن كخادم وخدمة أي: خدمة أنفسهم. وحكى ابن التين أنه روي بكسر الميم وسكون الهاء ومعناه بإسقاط محذوف أي: ذوي مهنة. ولمسلم عن يحيى بن سعيد كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كُفاة أي: لم يكن لهم مَنْ يكفيهم العمل من الخدم.

وقوله: "وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم" استدل البخاري بقوله راحوا على أن ذلك كان بعد الزوال؛ لأنه حقيقة الرواح كما مرّ عن أكثر أهل اللغة ولا يعارض هنا ما مرّ عن الأزهري أن المراد بالرواح في قوله: "مَنْ اغتسل يوم الجمعة، ثم راح" الذهاب مطلقًا؛ لأنه إما أن يكون مجازًا أو مشتركًا، وعلى كل من التقديرين فالقرينة مخصصة وهي في قوله: "مَنْ راح في الساعة الأولى" قائمة في إيراده مطلق الذهاب.

قلت: هذا إنما هو عند الشافعية كما مرّ لا عندنا معاشر المالكية، فإن الرواح عندنا محمول على حقيقته كما مرّ، وفي هذا قائمة في الذهاب بعد الزوال لما جاء في حديث عائشة المذكور في الطريق التي في آخر الباب الذي قبل هذا حيث قالت: "يصيبهم الغبار والعرق"؛ لأن ذلك غالبًا إنما يكون بعدما، يشتد الحر وهذا في حال مجيئهم من العوالي، فالظاهر أنهم لا يصلون إلى المسجد إلا حين الزوال أو قريبًا من ذلك، وعرف بهذا توجيه إيراد حديث عائشة في هذا الباب. وقد رواه أبو نعيم في الباب الذي قبله، وعليه فلا إشكال فيه أصلًا.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا، مرّ عبدان وعبد الله في السادس من بدء الوحي، ومرّ يحيى بن سعيد في الأول منه، ومرت عائشة في الثاني منه، ومرّت عمرة في الثاني والثلاثين من الغُسل.

[لطائف إسناده]

فيه التحديث والإِخبار بالجمع والسؤال والقول، ورواية تابعي عن تابعية عن صحابية والأولان من رواته مروزيان، والباقون مدنيون. أخرجه مسلم في الصلاة وأبو داود في الطهارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>